أتى بلفظ الغيبة لأجل الحصر والخاص لَا يحتاج معه إلى حصر لأنه مشاهد مروي فلذلك لم يقل إنما إله واحد.
قوله تعالى: ﴿وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ... (٥٢)﴾
إن له المظروف وإما الظرف وهو السماوات فإنما يؤخذ الحالة من السياق والقرائن بدليل أن من أقر لرجل بعده في ظرف فإنه إنما يلزمه المظروف فقط دون الظرف، وهل يدخل في ذلك العرش والكرسي أو لانج الظاهر دخولهما بالقرائن لأن اللفظ يقتضي ذلك.
قوله تعالى: (وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا).
قال الزمخشري: في قوله تعالى: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) أي يوم الجزاء وقسم الدين هنا بوجهين: إما للطاعة وإما الجزاء (واصبا) فعلى معناه دائما فيكون فيه دليل لمن يحكي الإجماع على منع الردة في الخلق كلهم، فإن قلت: قوله تعالى: (وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ) دليلا على وجود الصانع فإن عطف عليه وله الدِّين وهو لَا يحس أن يكون دليلا على وجود الصانع لأنه إنما ليبعد على وجوده كلفة لَا بالأحكام والشرائع التي خلقوا بها لأنها مسببه عن ذلك فلو كان العطف بالفاء لَا تصح لَا يدل على السببيه، وأجاب ابن عرفة: بأن المراد أنه من بعد خلقه للعالم فما من زمن يأتي إلا وهو معبود فيه مطاع تعبده الملائكة وبعض النَّاس فهذا يدل على صحة وجوده، واستدل في علم الكلام على وجود الصانع [بأمرين*] إما حدوث العالم [وإما*] بإمكانه؛ لأن الممكن لَا بد له من مخصص بوقت على أحد الجائزين وطريق الاستدلال بالحدوث يستلزم الإمكان لأن كل حادث ممكن وليس كل ممكن حادث فإن وجود بحر من زئبق أو من ياقوت ممكن وليس هو بحادث إذ المراد الحدوث بالفعل وهذا الجواب إنما هم على قول من فسر الوهاب بالعليم وقوله تعالى: (ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ... (٥٤).. فاصلة معنوية لبعد ما بين غفلة الإنسان وهو له زمن النعمة وما بين نزعته وزلته زمن الضر كقول عرفة:
[وَلَا يكْشف الغماء إِلَّا ابْن حرةٍ... يرى غَمَرَات الْمَوْت ثمَّ يزورها*]