قال الزمخشري: لم قال في قد أفلح: (لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ)، وقال هنا: (هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ)، ثم أجاب بأن التقديم دليل على أن المقدم هو الفرض المقصود، فهنا دل على إيجاد البعث هو المقصود في الآخر المقصود إيجاد المبعوث.
قال ابن عرفة: فإن قيل: لم خصصت تلك بتقديم نحن، وهذه بتقديم هذا؟ قال: فعادتهم يجيبون: بأن تلك ذكر أحوال الكفار؛ لأن قبلها: (وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ)، ثم قال (حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ)، وهذه تقدم فيها أوصاف البعث، لقوله تعالى: (أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ)، (أَمَّنْ جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا)، (أَمَّنْ يَهْدِيكُم فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ).
قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ... (٧٣)﴾
إن أريد به العموم [فالأكثر عليه*]، والكافر على هذا منعم عليه باعتبار ما له في الدنيا، وإن أريد بالنَّاس الكفار والأكثر المراد به الجميع.
قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ (٧٤)﴾
إن قلت: هلا قال: ما تعلن ألسنتهم وما يسترون، فيكون تأسيسا؛ لأن العلم بالسر يستلزم العلم بالجهر بخلاف العكس، قال: والجواب: أنه قصد التنبيه على كمال إحاطة علم الله تعالى، وإن السماوات إن تعددت فعلمه بما فيها كلها كعلمه بما في السماء الواحدة ولا فرق بينهما.
قوله تعالى: ﴿إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٧٥)﴾
إما حقيقة فهي مكتوبة في اللوح المحفوظ، وهو عبارة عن كمال إحاطة علمه بذلك.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٧٦)﴾
لأنهم يختلفون في أمر جلي، أو أمر خفي، فهو يقص عليهم الأمر الخفي.
قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (٧٧)﴾