قال شيخنا أبو الحسن المطريني: سئل سيدي أبو الحسن المنتصر عن خياطة الثياب، قال: النظر في صانع الإبرة، وأما الخياط ففي قعر جهنم.
قال ابن عرفة: يريد إن كان خائطهم كما قال ابن رشد فيمن يخيط للكافر.
قوله تعالى: ﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ... (١٨)﴾
قال ابن عرفة: تقدم المجرور للاهتمام إشارة إلى أن له أثرا في الخوف، والألف واللام للعهد، وعبر في هذا الفعل؛ لأن المترقب متوقع وليس ثابت فيناسب الفعل المقتضي المتجدد.
قوله تعالى: ﴿وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ يَسْعَى... (٢٠)﴾
وقال تعالى في سورة يس: (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى).
قال ابن عرفة: فكان شيخنا أبو عبد الله محمد بن سلمة، يقول من عنده: إنما قدم الرجل هنا تحوطا على قلب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من أن يناله روع أو حزن على موسى عليه السلام؛ لأنه لو قيل (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى)، لأمكن أن يتوهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أنه جاءه جماعة كثيرون يريهم الاستخفاف منه لأجل قتله القبطي، فما يصل إلى ذكر الفاعل إلا بعد حصول الروع منه والفزع في القلب، فبدأ بذكر الرجل احترازا من هذا، كما قال تعالى (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ)، وأما سورة يس فأتت بعد ذكر الرسول فلا يؤثر فيها هذا التوهم [فزعا*] إذا جاء الجماعة يجيبون بالحض على إتباع الرسول، قيل لابن عرفة: هذا لَا حاجة به، بل يقال: هذه الآية وردت على الأصل، وما السؤال إلا في سورة يس.
قال ابن عرفة: روى بعض الشيوخ المعمرين أن الأمير أبا عبد الله محمد، المدعو بأبي عصيرة، كان خليفة بتونس، وكان الأمير أبو يحيى زكريا والد الأمير ابن أبي بكر خليفة بجاية، وكان كثير الأسفار، وطويل الغيبات في سفره، وكان الأخوان: عمران، وموسى ابن أسرعين أحدهما: بتونس، والآخر: ببجاية، فبعث أبو عصيرة حسينا أميراً عليهم ابن أسرعين ببجاية في غيبة الأمير أبي يحيى زكريا، فدخل إلى أخيه موسى بكتاب من عند الملك، فأمره فيه أن يخلع بيعة سلطانه ويبايع لابن عصيرة، فامتنع، وقال: والله لَا أخونه فيما أمنني عليه، فلما قدم الأمير زكريا أخذ عليه في فتحه الباب لأخيه، وكونه أدخله، ثم بعد ذلك يؤثر في قتله، فكتب بعض الحاضرين إليه براءة


الصفحة التالية
Icon