فالمعنى: ومن النَّاس من يجادل في الله بشيء هو غير علم؛ لأن المجادل في الله قابل؛ لأن يستفيد علما بعقله، كقوله: زيد غير بصير، ولم يأت به في الثاني، لأن الدليل في إبطال دين الله المستفاد من العقل أو الكتاب أو السنة منتف غير ثابت في نفس الأمر فنفيه من باب السلب، مثل الحائط لَا يبصر.
قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ... (٢١)﴾
قال الفخر: هنا الفعل أبلغ من القول.
ابن عرفة: بل بينهما عموم من وجه، فالفعل أبلغ من القول باعتبار الحصول والقول أبلغ من الفعل باعتبار المتعلق؛ لأن متعلقه أمر كلي، ومتعلق الفعل خبر، أي ولذلك العالم يُقتدَى بقوله دون فعله، فإنه يترخص في نفسه بما لَا يفتى به لغيره.
قوله تعالى: (قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا).
فرق بعضهم بين [وجد وأيقن*] بأن الوجدان يكون اتفاقيا على غفلة من غير قصد ولا تقدم شهود، ومنه وجدان الضالة، واليقين يقتضي وجدان ما كان ثابتا دائما مستقرا، قال ابن عطية: الآية دالة على إبطال التقليد، وأجمعت الأمة على إبطاله في العقائد، انظر تمامها في البقرة والعقود.
قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ... (٢٢)﴾
عداه باللام، فأجاب: بأن اللام تقتضي الاختصاص والقصد إلى الشيء التي لا تقتضيه.
قال ابن عرفة: فوجه مناسبتها هنا أنه لما كان المخبر عنه فيما قبلها لم يخص به واحد بعينه بل أتى به مطلقا عقبه بحال من حصل منه مطلق استسلام لله تعالى، فإنه ممدوح ليتناول مدح من اتصف بالنص الاستسلام من باب أحرى، بخلاف قوله تعالى: (بَلَى مَنْ أسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ)، فأتى به خاصا لأجل ما رتب عليه من الثواب الجزيل الذي لهم في هذه القصة إلا بعضه.
قوله تعالى: ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ... (٢٣)﴾
قال الظاهر في (مَنْ) أنها شرطية لَا موصولة، تقتضي وجود الموضوع.