الثاني: إنها معطوفة على قوله تعالى: (وَمَنْ يُسْلِم) وهي شرطية من باب [لا أرينك هاهنا*]، أي لَا تتذكر أسباب الحزن على كفره، فتحزن على كفره فإِنما أنتقم لك منه.
قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ).
قال ابن عطية: هذا مثل قولهم: [الذئب مغبوط بذي بطنه*]، وقولهم: ذو بطن بنت خارجة.
قال ابن عرفة: وانظر هل الحزن على فوات أمر محبوب، كقوله تعالى: (وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ)، أو على وقوع أمر مكروه، كقوله تعالى: (وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ)، وهو الظاهر من نص هذه الآية.
قوله تعالى: [(وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى... (٢٩) *]
قال الزمخشري: إن قلت: تجري لأجل، وتجري إلى أجل مسمى، فهذا من تعاقب الحرفين، قلت: كلا ولا [نسلك*] هذه الطريقة إلا بدليل؛ لأن إلى لانتهاء الغاية، واللام للاختصاص، وكل واحدة منهما لها معنى لَا تصلح فيه الأخرى، نحو: أعطيت لزيد ثوبا وسرت إلى عمرو، ومنه قوله تعالى في سورة يونس عليه السلام (قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى).
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ... (٣٣)﴾
الخطاب لجميع الإنس والجن، وعرف القرآن في النَّاس أنهم بنو آدم، لكن الخطاب التكليفي يتناول الجميع.
قوله تعالى: (وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ).
قال الزمخشري: لم أكد، قوله تعالى: (وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا)، ولم تؤكد، قوله تعالى: (لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ) شيئا، فأجاب: بأن الجملة الاسمية آكد من الفعلية، وقد انضم إليها، قوله (هُوَ)، وقوله (وَلَا مَوْلُودٌ) وهذا إنما يصدق على الوالد المباشر، بخلاف لفظ الولد، فإِنه يتناول ولد الصلب، وولد


الصفحة التالية
Icon