للفاعل والمفعول؛ لأن النَّاس عام في الظالم والمظلوم، فيرد بها على ابن التلمساني شارح المعالم في قوله في المسألة الخامسة من الباب الرابع لما قال الفخر: إن المصدر يضاف للفاعل والمفعول قال: هو أن ذلك على سبيل البدلية لَا على وجه المحبة وتقدم نظيره في سورة إبراهيم في قوله تعالى: (وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ). ابن الخطيب: وفي الآية حجة للمعتزلة في قولهم إن الله لَا يخلق الشر وأن الظلم من فعل العبد لأجل إضافته إليهم، ورده ابن عرفة: بأن الإضافة تقع بأدنى ملابسة لقوله:

إِذا كَوْكَب الخرقاء لَاحَ بسحرةٍ سُهَيْل أذاعت غزلها فِي القرائب
فإنما أضافه إليهم لأجل انتساب الذي لهم فيه إلى مستوى إنك تقول غير فلان وثوب فلان وليس فيه إلا المنافع، وأما الأعيان فما يملكها إلا الله، وذكر الزمخشري هنا آثاراً [عن*] أبي هريرة، وابن عباس [يقتضي*] عموم الهلاك في بني آدم وغيرهم بسبب شؤم [ظلم*] الإنسان، وكذا نقل ابن عطية: أن الحوت والطير يهلكان بسبب ظلم الإنسان.
ابن عرفة: وهذا ما يتم الاستدلال به إلا مع قيمة ما قاله الأصوليون فى أن قول الصحابة إذا كان دليله مخالفا للقياس كأنه يكون بحجة حينئذ لم يكن قاله من عنده، بل يكون سمعه من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأما إن وافق القياس فهو مذهب فلا يحتج به وهذا مخالف للقياس قال تعالى: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) وأجاب ابن عطية: بأن هلاك من لم يظلم إنما هو بكونه لم يغير على الظالم، قلت: وبعضه ما تقدم في قوله تعالى: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ) وفي قوله تعالى: (كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ) وأجاب ابن عرفة جوابا آخر وهو أن هلاك الظالم بظلمه وهلاك من لم يظلم إنما هو ابتلاء له فيعظم بذكره أجره ومثوبته فهو رحمة منه بهذا الاعتبار. قال الفخر: واستدل بعضهم بالآية على عدم عصمة الأنبياء، واستدل بها من جوز الردة على جميع الخلق لنسبة الظلم فيها إلى جميع النَّاس. ورده ابن عرفة بأن العموم في الآية إنما هو في المؤاخذة وأما الظلم فإنما ذكر على سبيل الفرض والتقرير [والتقدير*]، أي لو فرض وقوع الظلم من الجميع وأخذوا به لم يبق أحد ولا يلزم من فرض الشيء وقوعه كما قال تعالى: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا).
قوله تعالى: (لَا يَسْتَأْخِرُونَ).


الصفحة التالية
Icon