يسمع بالأخرى، ويضع يده الواحدة على النار ويده الأخرى على المسخن، ويجاب: بأن قوله تعالى: (مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ)، كان بعضهم يقول: الحكمة في إدخال (مِنْ) أن صيغ الجموع، والتثنية كلمة [كل*]، فإذا قلت: الرجال قائمون معناه: كل واحد قائم، وكذلك الزيدان قائمان، فلو قال: ما جعل الله لرجل قلبين لأوهم نفي القلب الواحد، ولذلك قال تعالى (وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ)، فأكده بقوله (اثْنَيْنِ)، ليفيد أن المراد نفي مجموع القلبين من حيث هو مجموع لا نفي الواحد لأنها في النفس لاستغراق الجنس.
قوله تعالى: (فِي جَوْفِهِ).
قال الزمخشري: فائدته زيادة التصور المدلول عليه، لأنه إذا سمع به صور [لنفسه*] جوفا يشتمل على قلبين، فكان أسرع إلى الإنكار، وأجاب الزمخشري في سورة الأنعام في قوله تعالى: (وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ).
قوله تعالى: (وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ).
قال الزمخشري: إن قلت: ما معنى قولهم: أنت عليَّ كظهر أمي فكنوا عن البطن بالظهر؛ لأنه عمود البطن، ومنه حديث عمر، قلت: هو حديث ذكره ابن أنس عنه في كتاب التجارة بأرض الحرب، قال عن عمر: [لاَ حُكْرَةَ فِي سُوقِنَا، لاَ يَعْمِدُ رِجَالٌ بِأَيْدِيهِمْ فُضُولٌ مِنْ أَذْهَابٍ إِلَى رِزْقٍ مِنْ رِزْقِ اللهِ نَزَلَ بِسَاحَتِنَا، فَيَحْتَكرونَهُ عَلَيْنَا، وَلَكِنْ أَيُّمَا جَالِبٍ جَلَبَ عَلَى عَمُودِه كَبِدِهِ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، فَذَلِكَ ضَيْفُ عُمَرَ، فَلْيَبِعْ كَيْفَ شَاءَ اللَّهُ، وَلْيُمْسِكْ كَيْفَ شَاءَ*]، فأباح ذلك عمر للجالب والزراع.
قوله تعالى: (ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ) أي قول باللسان دون اعتقاد القلب.
قوله تعالى: (وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ).
وإنما يقال: قال الله الحق، ورد عليه النواوي رحمه الله بهذه الآية.
قوله تعالى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ... (٦)﴾
قالوا سببها ما أخرجه البخاري ومسلم من أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " [كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ المُتَوَفَّى، عَلَيْهِ الدَّيْنُ، فَيَسْأَلُ: «هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ فَضْلًا؟»، فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ لِدَيْنِهِ وَفَاءً صَلَّى، وَإِلَّا قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ»، فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الفُتُوحَ، قَالَ: «أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنَ المُؤْمِنِينَ فَتَرَكَ دَيْنًا، فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ*]. وعلق الحكم هنا بالنبي، وهو أعم من الرسول ليدل على تناوله للرسول من باب أحرى.