قال ابن عرفة: إن كانت للسبب فظاهر، وإن كانت للتعقيب [فبكون الله تعالى أرسل عليهم الريح وأنها كانت إثر مجيئهم*]، وأمر الملائكة أن [**يتربصوا] عليهم بقدر ما تستوفي جنودهم، ويطمعون في أخذ المؤمنين، فهو [**إنكالهم].
ابن عطية: لما أرسل عليهم الريح، قال بعضهم: سحرنا محمد.
قال ابن عرفة: كان بعضهم يقول: بموجبة ولكن سحرهم السحر الحلال، قيل له: هذا لَا يحل إطلاقه، فقال: ترى النَّاس إذا تعجبوا من شيء يقول: هذا هو السحر الحلال.
قوله تعالى: (وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا).
قرئ بتاء الخطاب، فهو وعد للمؤمنين الحفظ والنصر، كقوله تعالى: (لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى)، وقرئ [بياء الغيبة*] فهو وعيد للكفار بأنه يرى عملهم فيجازيهم عليه، وينتقم لكم منهم.
قوله تعالى: ﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ... (١٢)﴾
ابن عرفة: هذا من عطف الصفات، أي وإذ يقول الموصوفون بالنفاق ومرض القلوب، أو من عطف الموصوفات فيكون المنافقون قسمين: منهم من جزم بالكفر، ومنهم من في قلبه مرض، وفي سورة المدثر (وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا)، فقدم الذين في قلوبهم مرض، قال: وعادتهم يجيبون: بأن منشأ المقالة في هذه الآية، هو الجزم بالكفر والتصميم عليه، لقولهم (مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا)، وهذا الكفر صريح ومنشأ [المقالة*] في سورة المدثر، الشك في الإيمان لقولهم (مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا)، فروعي في كل آية منهما الأصل فيما سبق الكلام لأَجله، فقدم هنا المنافقون المصممون على الكفر، وقدم في المدثر مرضى القلوب، قيل لابن عرفة: لَا معارضة بين الآيتين، لأن المنافقين هم الذين في قلوبهم مرض، فقال (وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ)، أعم.
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ... (١٥)﴾
قال ابن عرفة: هذا أخص من أن لو قيل: لَا يخلفون عن القتال، لأنهم إذا عاهدوا الله لَا ينهزموا ولا ينصرفوا عن المقاتلة، فأحرى أن لَا يتخلفوا عن حضور القتال، لتكثير السواد وإن لم يقاتلوا، أو أحرى أن لَا يتسببوا في خذلان المؤمنين