إن كان المقصود ظهور تعلق الإرادة، وهو التعلق [التنجيزي*]، فالفعل على بابه من الاستقبال، وإن كان المراد التعلق الصلاحي، فهو في معنى الماضي.
قوله تعالى: (وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا).
الطهارة عبارة عن التطهير الحسي في البدن أو غيره من نجس أو غيره، وإطلاقها على [التنظيف*] المعنوي من الآثام والذنوب مجازا.
وقال المازري أول الطهارة في شرح التلقين: بل هو حقيقة لتأكيده بالصدق في هذه الآية، قال: وبه يحتج لأهل السنة في قوله تعالى (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا)، يفيد وقوع الكلام منه حقيقة فكذا هذا. والله أعلم.
قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ... (٣٤)﴾
ابن عطية: هذا وعظهن بأحد وجهين:
فإما أن المراد تذكرنه [واقدرنه*] قدره وفكرن في أن مَن هذه حاله ينبغي أن [تحسن*] أفعاله.
وإما أن المراد [احفظن وكررن*] فكره على ألسنتكن وامتثلن أمر الله.
ابن عرفة: هذا كلام المفسرين وحمله المحدثون وحفاظ الفقهاء، على أنه أمر لهن بتبليغ ما حفظن من القرآن والسنة للناس، ومنه أخذوا جواز الشهادة على الصوت؛ لأنهن محجوبات عن الأعين، لقوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ) لكن يجاب: بأن القرينة تنزلت منزِلة الشهادة على الصوت؛ لأنهن محجوبات عن الأعين، لقوله تعالى: (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ) المفيدة للعلم، وقوله تعالى: (مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ)، الآيات المعجزات من القرآن والسنة (وَالْحِكْمَةِ) آية الأحكام.
قوله تعالى: (فِي بُيُوتِكُنَّ).
فائدته توكيد ومبالغة في أمرهن بتبليغه؛ لأن تلاوته في بيوتهن مظنة لاختصاصهن بسماعه عن غيرهن من النَّاس، فينبغي أن يجيب عليهن بتبليغه وجوب فرض العين، لا وجوب فرض الكفاية.
قيل لابن عرفة: بل هو مأمور بتبليغه للجميع، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ)، فقال: لَا بل يخرج من العهدة بتبليغه للبعض كما قال: ليبلغ الشاهد الغائب قال، وقال في قوله تعالى: (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ


الصفحة التالية
Icon