الاحتراس والتكميل وأخر (وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ)، إشارة إلى قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "من كان آخر قوله لَا إله إلا الله دخل الجنة".
قلت: وتقدم لنا أنه إنما أخره؛ لأنه كالعلة الغائبة التي قال الحكماء فيها: أول الفكرة آخر العمل، فأفاد أن فعلهم ذلك إنما كان لذكرهم الله تعالى واستحضارهم مقام الهيبة والإجلال.
قال الزمخشري: إن قلت: أي فرق بين عطف الإناث على الذكور، وعطف الزوجين على الزوجين.
ابن عرفة: أراد أي فرق بين كل صنف من هذه المزدوجات من إناث وذكور على مجموع الصنف الآخر، وبين عطف إناث كل صنف على ذكوره.
فأجاب: بأن عطف الإناث على الذكور عطف ذوات، وعطف المجموع على المجموع عطف صفات، قال: معناه أن الجامعين لهذه الصفات لهم مغفرة.
ورده ابن عرفة بقوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا)، فليس المراد أن لَا يأخذها إلا من اجتمعت فيه هذه الأوصاف، بل كل نوع من هذه المذكورات له فيها حظ.
وكذلك قال مالك: فيمن أوصى بثلث ماله للعلماء والفقراء والمجاهدين والصلحاء، فإنه لَا يقصر على من جمع هذه الأوصاف، بل للعالم منه حظه، وإن كان غنيا غير مجاهد، وكذلك الفقير وإن لم يكن عالما ولا مجاهدا.
قيل لابن عرفة: لما رتب عليه الأجر الأخص، وهو العظيم وجب قصره على الأخص، وهو من جمع الأوصاف كلها، قال: بل هو فضل الله واسع.
قال ابن عرفة: وكان بعضهم يقول (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ)، ولم يقل: وكانت من القانتات فأدخَلها في وصف الذكور وهم أشرف من الإناث، وهنا لم يكتف بقوله: إن المسلمين والمؤمنين والقانتين عن ذكر المسلمات والمؤمنات والقانتات، مع أن الجمع يتناولهن على جهة التغليب.