قوله تعالى: ﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ... (٣٧)﴾
قال ابن عرفة: هذا الفعل المراد به المعنى لاقترانه بـ إذ، وأتى بلفظ المضارع للتصوير.
قوله تعالى: (وَتَخْشَى النَّاسَ).
لا ينبغي حمله على أنه خاف فقط، بل المراد عناية خلط خوفه من الله تعالى بخوفه من النَّاس، وأمره بأن لَا يخاف إلا الله فقط غير منسوب بشيء.
قال: وكان بعضهم يقول: عقاب [المالك*] لمملوكه على عدم تصرفه في ماله اعتناء منه به، وكذلك عتاب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم على إخفائه ما وقع في نفسه [وحضه*] لزيد رضي الله عنه على إمساك زينب رضي الله عنها، وامتناعه من تزويجها، فإن الجميع ملك لله تعالى.
قوله تعالى: (زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ).
قال ابن عرفة: احتج الأصوليون على وجوب الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فيما يثبت فيه خصوصية، ولولا ذلك لما احتيج إلى تعليله بنفي الحرج عن المؤمنين، ومنهم من احتج به على عدم وجوب الاقتداء.
وقال: التعليل بهذا دل على صحة الاقتداء به في هذه القضية فقط، فالخصوصية ثابتة حتى يدل الدليل على الاقتداء حسبما أشار إليه ابن الحاجب، وعلى هذا يكون من باب تخصيص العام بحكم العام.
قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ... (٣٨)﴾
أي من نقص.
قيل لابن عرفة: وكذلك ما عمل غيره من النَّاس من حرج فيما فرض الله له، أوجب الله له فيما نفى الحرج فيه، وإن كان معناه فيما قدر الله له فيدخل فيه المباح، فيكون نفي الحرج عنه لما قد يتوهم في حقه من أنه لعلو منزلته، قد لَا يفعل المباحات ويشدد على نفسه فيها كما يشاهد بعض أشراف النَّاس يتنزه عن أشياء يفعلها غيره.
قلت: وانظر قوله تعالى: (وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ) قوله صلى الله عليه وسلم: " [لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي*] ".