قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ... (٥٠)﴾
ابن عطية: عن ابن زيد: أي أحللنا لك جميع النساء، وعن ابن عباس: المراد أزواجه التسع التي في عصمته.
ابن عرفة: وهذا كما يقول المنطقيون في العنوان والوصف: هل هو صادر عن الذات بالقابلية قاله الفارابي، والفعل قاله ابن سينا.
وحكى النحويون في اسم الفاعل خلافا، هل هو حقيقة في الحال مجاز في الاستقبال؟ فعلى قول ابن زيد: هو مجاز فيمن هو قابل لتزويجه، ولا سؤال فيه، وعلى تأويل ابن عباس، هو حقيقة في الحال لكن فيه سؤال؛ لأنه تحصيل الحاصل، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، معصوم في اجتهاده، لَا يفعل إلا ما هو حلال له في نفس الأمر، وقد كان تزوجهن، فلا فائدة في إحلالهن له إلا على القول الثاني الذي حكاه ابن الحاجب عن بعض الملاحدة، من أنه جوز عليه الخطأ في اجتهاده.
قال: ويحتمل الجواب عنه: بأنه ليس المراد حقيقة الإحلال، بل لازمه وهو الاعتناء بهن والتشريف بذكرهن، ففي ضمنه التوصية عليهن [بالرفق*] والإكرام]، وبدليل قوله تعالى: (لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ)، وبدليل تأكيد الإحلال.
فإن قلت: فعلى هذا يكون خبرا لَا إنشاء، اخترناهن لك واصطفيناهن عن غيرهن وحجزنا عنك ما سواهن، والله تعالى لَا يختار لنبيه إلا الطيب، كما قال تعالى (وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ).
قوله تعالى: (وَبَنَاتِ عَمِّكَ).
ولم يقل: (اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ).
[فإما أن يكون*] حذف من الثاني لدلالة الأول عليه، [**أو يكون كما].
ابن عرفة: يسير في العطف خلافا، هل يشرك في الإعراب والمعنى؟ وحملنا على أنه أراد إذا قيد أحد المعطوفين يقيد في صفة أو عدمها، هل يدخل فيه الإحرام؟ لا كقولك: [جاء*] العاقل وعمرو.
فإن قلت: لم أفرد العم والخال، وجمع العمات والخالات؟ فالجواب: أن بنات العم وبنات الخال منسوبات إلى الأب، وهو واحد في جنسه ونسبه، وبنات العمات