قوله تعالى: (ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ).
أي أقرب لأن تقر أعينهن، فقروا أعينهن فيما حصل لهن، وعدم حزنهن على ما فاتهن؛ لأن الحزن على فوات الماضي، والخوف على توقع المستقبل ورضاهن، فما آتين إشارة إلى من حصل لها منه حظ، وحصل لغيرها أكثر منه لَا تتشوق إليه، بل ترضى بما حصل لها، وإن كان الحاصل لغيرها أكثر، [وكأنه تأسيس*] لَا تأكيد فيه بوجه.
قوله تعالى: ﴿لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ... (٥٢)﴾
ابن عرفة: إن قلت: ما الفرق بينه وبيَنَ أن يقال: حرمت عليك النساء؟ فالجواب: أن نفي الحلية تقتضي رفع الإذن ابتداء ولا يستلزم المنع بعد الفعل، والتحريم يستلزم المنع ابتداء وبعد الفعل، فهذا أخف، فلذلك خوطب به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
قوله تعالى: (وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ).
يحتمل أمرين:
أحدهما: ولا أن تبدل بهن من نسائهم زوجات لغيرك، فيكون نهيا على ما كانت عليه الجاهلية، من أن كل من الرجلين ينزل لصاحبه عن زوجته ويتبادلا، وهو ظاهر قول عيينة بن حصين للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: إن شئت نزلت لك عن أحسن نساء العرب جمالا.
وإن كان ابن عطية قال: ليس بمبادلة ولكنه اختص عائشة رضي الله عنها.
ابن عرفة: فيكون على هذا نهيا أخص وإطلاق الأزواج هنا حقيقة.
الثاني: أن المعنى ولا أن تبدل بهن من نساء تتزوجهن بإطلاق الأزواج، هنا مجازا باعتبار إلى الأمر.
وما حكاه ابن عطية من أنه نظر إلى أسماء بنت عميس، وأعجبته لم يرد في الصحيح، والمحل ضيق فلا ينبغي نقله.
قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ... (٥٣)﴾
قال ابن عرفة: اقتضت الآية النهي عن دخول بيوت النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم للإقامة فيها.