قال ابن عرفة: هذا هو الذي في الحديث: "إذا قلت في أخيك ما ليس فيه فقد غبته، وإذا قلت فيه ما فيه فقد اغتبته"، وهو إذايته بما اكتسب.
[كتاب*] الرجم من المدونة سئل [هَلْ يُنَكَّلُ فِي قَذْفِهِ هَؤُلَاءِ الزُّنَاةَ*]؟ فقال: [إذَا آذَى مُسْلِمًا نُكِّلَ*]، قال: وإذا علم المقذوف من تغيبه أنه وإن قاله العباد على قاذفه لخوف المعرة.
قوله تعالى: ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ... (٥٩)﴾
(مِنْ) للتبعيض إما في أنواع الجلاليب أو في أجزاء كل واحد منها وهو الظاهر؛ لأن كل امرأة لها جلبابان.
قوله تعالى: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ... (٦٠)﴾
ابن عرفة: هذه كالمقيد لما قبلها، أو كالسبب مع مسببه؛ لأن قبلها (ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ).
والإذاية إما في الفروع أو في الأصول الراجعة لأمور الدنيا والآخرة، فإن أريد نفي لم ينتهوا عن إذايتهم على العموم، فيتناول الفروع والأصول.
قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ... (٦٣)﴾
ابن عرفة: وجه مناسبتها لما قبلها، أنها تقرير لما لحق رسول الله ﷺ وعلى آله وسلم في قومه من المشاق، فمنها إذايتهم له في بدنه [ومنها إذايتهم له بقولهم تزوج بزوجة وولده من الشبق*]، وفي إطالتهم الجلوس في بيت زينب رضي الله عنها، وفي التكلم في تسلية، وفي سؤالهم له عن الساعة، وهي ما استأثر الله بعلمه، فاليهود سألوه امتحانا.
قوله تعالى: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ).
[لَمَّا كَانَ الْمَذْكُورُ مِنْ قَبْلُ أَقْوَامًا ثَلَاثَةً نَظَرًا إِلَى اعْتِبَارِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ: وَهُمُ الْمُؤْذُونَ اللَّهَ، وَالْمُؤْذُونَ الرَّسُولَ، وَالْمُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ، ذَكَرَ مِنَ الْمُسِرِّينَ ثَلَاثَةً نَظَرًا إِلَى اعْتِبَارِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهَا: الْمُنَافِقُ الَّذِي يُؤْذِي اللَّهَ سِرًّا وَالثَّانِي: الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ الَّذِي يُؤْذِي الْمُؤْمِنَ بِاتِّبَاعِ نِسَائِهِ وَالثَّالِثُ:
الْمُرْجِفُ الَّذِي يُؤْذِي النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْإِرْجَافِ بِقَوْلِهِ غُلِبَ مُحَمَّدٌ وَسَيَخْرُجُ مِنَ الْمَدِينَةِ وَسَيُؤْخَذُ*]، [وسألوا*] سؤال تعنت واستهزاء.