من كنوز الجنة، والكنز من شأنه الخفاء، فرده ابن عرفة بقوله تعالى: (وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ).
قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ... (٣)﴾
ابن عرفة: كل واحد منهما لصاحبه آتٍ؛ كقوله تعالى: (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ)، لكن الصواب استناد الإتيان إلى الموجود، وهو الذين كفروا. لأن الساعة معدومة.
قوله تعالى: (عَالِم الْغَيْبِ).
ابن عرفة: لَا خلاف أن العلم القديم لَا يختلف، وفي الحادث خلاف، فإن قلنا: إنه يتفاوت بالمبالغة في العلم القديم بالنسبة إلى العلم الحادث.
وإن قلنا: لَا يتفاوت، فالمبالغة باعتبار متعلقه، فإن قلت: ما أفاد قوله (لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ)، مع أن (عَالِمِ الْغَيب) يكفي عنه؟ فالجواب: أن هذه المذكورات إن كانت كبيرة الجرم [فهي ظاهرة معلقة*] فعزوبها عن المخلوقات، إنما هو حالة كونها في الغيب لم تخلق ولم تظهر للوجود، فدخلت في قوله تعالى: (عَالِمِ الْغَيبِ)، [وإن*] كانت موجودة فعزوبها، إنما هو باعتبار رجوعها في خفية عن أعين الناظرين، [ولَا تخفى*] على الله.
قوله تعالى: (إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ).
انظر تعقب أبي حيان على الزمخشري.
وقال ابن عرفة: الصواب أن هكذا من تأكيد المدح بما يشبه الذم.
كقول النابغة:
ولا عيبَ فيهم غيرَ أنَّ سيوفَهم... بهنَّ فلولٌ من قراعِ الكتائبِ
قوله تعالى: ﴿وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٦)﴾
وجه مناسبة القراءة هنا أن (الْعَزِيزِ) هو الذي لَا يمانع، فإما أن يراد أن كلامه لا يقدر أحد على ممانعته، وإما أن يكون أشار إلى أنه لَا تهتدي إلى المطالب القلبية الخفية الممتنعة عن الإدراك إلا به، و (الْحَمِيدِ) إشارة إلى حمده هذه النعمة العظيمة التي أنعم بها، وهو القرآن العظيم الهادي إلى طريق الحق.
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ... (٢٠)﴾


الصفحة التالية
Icon