قيل: الضمير على الكلم الطيب، أي ليرفعه الكلم الطيب.
فإِن قلنا: المراد بالكلم الطيب الشهادتان فقط فظاهر.
وإن قلنا: المراد به التسبيح ونحوه فلا يتأتى إلا على مذهب المعتزلة القائلين: أن مجرد كلمة الإسلام لَا تنفع العاصي.
قوله تعالى: ﴿وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ... (١٢)﴾
حمله ابن عطية على الحقيقة، والزمخشري على المجاز.
فإن قلت: لمَ لم يذكر في الثاني عند الوصف المذكور في الأول، فتقول: ملح الأجاج صعب تناوله، فالجواب: من وجهين:
الأول: يستلزم الملح الأجاج لوصف كونه صعب التناول [الجبلي*] وأظهر من استلزام العذب الفرات، لكونه سائغا شرابه، فلذلك اكتفى به، في الثاني: دون الأول، لأنه قد يكون عذبا شرابه، ولا يسوغ شرابه لما فيه من الغثاثة، وتقرر أن اللازم بوسط نظري وبغير وسط ضروري، وباستلزام الشيء للشيء تارة يكون نظريا وتارة يكون ضروريا، ومنه الخلاف في لازم المذهب، هل هو مذهب أم لَا؟ والخلاف في تكفير المعتزلة بلازم مذهبهم.
الجواب الثاني: أن الأول أمر ملائم، والثاني أمر مؤلم، والأمور المؤلمة تكفي في التعبير بأول أوصافها، بخلاف الأمور الملائمة، فإن حصول الإقبال عليها حالة المبالغة في أوصافها، أقوى من حصوله مع عدم المبالغة.
قوله تعالى: (تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً).
إن قلت: لم ذكر في الثاني الحلية تفرد له بسببها، وهو الإخراج، وذكر في الأول الأكل دون سببه وهو الاصطياد، مع أن الحوت لَا يتوصل إلى أكله إلا بعد تكلف وموته في اصطياده، لاسيما على المذهب الشافعي القائل: بأن طافي الحوت لَا يجوز أكله، فالجواب: أن السبب في استخراج الحلية من البحر أشق على النفوس من سبب الاصطياد، لأن الاصطياد يتأتى من الأطفال والنساء وغيرهم، وأما استخراج الجوهر واللآلئ من البحر فلا [يعلمه*] إلا غواص الجواهر من النَّاس في بعض الأقطار.
حتى قال المسعودي في مروج الذهب: إنهم يجعلون على وجوههم أغشية من كروش ويغلف سائر بدنه وتثقل رجليه بحجر وتهبط إلى قعر البحر، فيمكث الأيام يرصده، [**وأما فيه عوائدها] تمكث جالسة على محل الجوهر