قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا فَهُمْ عَلَى بَيِّنَتٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا غُرُورًا ولكنه يلزم من عدم العلم بالدليل عدم العلم بالمدلول.
قوله تعالى: (أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ).
فيه سؤالان:
الأول: المستدل، يأتي أولا بما هو مستلزم لغيره، ثم يأتي بمستلزمه ولا يأتي باللازم قبل الملزوم، فيقول: إن كنت ذا مال فأعطه دينارا أو أعطه درهما، ولا يقول: إن ذا المال فأعط لزيد درهما أو دينارا؛ لأن العجز عن الدرهم يستلزم العجز عن الدينار، [وهو لَا يجوز*]، والعجز [الاستقلالي*] بالخلق، وما يلزم من ذلك عجزهم عن الخلق مع الشريك المعين لهم في ذلك.
السؤال الثاني: أن المذهب على امتناع اجتماع مؤثرين على أثر واحد، حسبما ذكر الأصوليون في مسألة [الكسب*]، حيث قالوا: هو فعل فاعل معين، وقد قرروا في دلالة التمانع امتناع ذلك، فكيف يصح الرد عليهم بعجز آلهتم عن خلق السماوات مع الشريك، والجواب: أن الاستدلال قسمان: عقلي لَا يفهمه إلا الخواص، وآخر يفهمه العوام، فالعلماء منعوا اجتماع قدرتين على مقدور واحد، والعوام يتصورون اشتراك رجلين وثلاثة في فعل.
قوله تعالى: (أَمْ آتَيْنَاهُم كِتَابًا).
هذه إشارة إلى الدليل السمعي، والأول: إشارة إلى الدليل العقلي فهم يستندوا في عبادتهم الأصنام لَا إلى عقل ولا إلى سمع، ثم عقب ذلك بالدليل السمعي الدال على وحدانية الله تعالى، وهو قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ).
قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ زَالَتَا... (٤١)﴾
فيه سؤال، وهو أن الجزاء لَا يجوز كونه موافقا بشرط، لعدم الفائدة ولا مناقضا له، بل يكون مخالفا فلا يقال: إن قام زيد قام زيد، ولا إن قام زيد لم يقم زيد، وإنَّمَا يقول: إن قام زيد قام عمرو، والجواب: ليس يترتب على الشرط، والجواب: أنه ترتب على جواب مقدر، وتقديره (وَلَئِنْ زَالَتَا)، فلا راد لهما ولا مستمسك.
وحكي ابن عطية هنا أن إن تعني لو، وهو على جهة التوهم والفرض، أي وليس فرضنا إلا العكس.
وقال ابن التلمساني: إنَّ إنْ تدخل على المحقق وعدمه، واستحالته وإن غالب دخولها على المشكوك، وقد تدخل على المحقق.