قوله تعالى: ﴿مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا... (٩)﴾
وفي آية أخرى (لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ)، فتلك أعم من هذه، إلا أن يجاب بأن هذه كقولهم: ضربت الظهر والبطن، ومطرنا السهل والجبل، أو شبه هذا على ما هو المقصود، لأن الأمام والخلف هو محل المقابلة، والحركة بخلاف اليمين والشمال.
قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا تُنْذِرُ... (١١)﴾
أي الإنذار النافع.
فإن قلت: لم قدم السبب على سببه، لأن الخشية والخوف سبب في الطاعة والإتباع؟ فالجواب: أنه إشارة إلى تأكد الأمر بالخوف، وأن المكلف إذا أطاع واتبع لا يكتفي بطاعته ويركن إليها، بل لَا يزال خائفا خاشعا، وإن كان طائعا.
قوله تعالى: ﴿فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ... (١٤)﴾
فيه دليل على القول باعتبار الكثرة، وقد اختلفوا في عدد التواتر والمشهور، أنه غير محدود ولا محصور، قيل: حد بلوغ العلم، وقيل: أربعة، وقيل: أكثر من ذلك، فهذا دليل اعتبار الكثرة في العدد، قيل: ليس المراد هنا تعدد الأشخاص، بل تعدد الأدلة والبراهين، أجيب: بأن الأدلة [إذا*] تعددت [فمرجعها*] إلى شيء واحد.
قوله تعالى: ﴿مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا... (١٥)﴾
مذهب هؤلاء كمن يذكر عن البراهمة في نفيهم الرسالة، وعدلوا في نفيها عن التصريح إلى الكناية إلى نفي أبلغ، زعما منهم أن البشر لَا يكون رسولا ألبتَّة، وإلا فالبشرية في اعتقادهم [إنما هم*] سواء [فالرسالة*] من الله، لَا من رسول الله.
قوله تعالى: ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ... (٢٠)﴾
وفي القصص (وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ)،
وأجيب: بأن تلك على الأصل، وهذه تفيد أن مجيئه من أطرافها وأعاليها، إشارة إلى استغراب ذلك، وأنه المقصود لَا كونه رجلا.
وأجاب بعضهم: بأن تقديم (رجل) في تلك لئلا يظن النبي صلى الله عليه وسلم، لسماعه أول الخطاب، أن الذي جاء هو فرعون أو غيره من أعداء موسى عليه الصلاة السلام [فيحزن*] لذلك بخلاف [هذه*] لتقدم ذكر المرسلين فيها.
قال شيخنا: هذا كان مع شيخنا أبي عبد الله بن محمد بن سلامة.


الصفحة التالية
Icon