نقول سبحان [خالق الذر*] وخالق البعوض تكرمة له في نسبة خلق الأشياء المحتقرة إليه وإن كان اعتقادنا استناد كل شيء إليه، قيل له: قد قال تعالى: (ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ)، وقال تعالى: (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ) فقال لأنه في الآية الأولى أسند إليه الأمرين لقوله في الاستثناء: (إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُم أَجْرٌ غَيرُ مَمْنُونِ)، ابن الخطيب: وهذه الآية رد على الطبائعيين لأن أفعال الطبيعة تختلف باختلاف الخلق [بالطول والقصر*] والتغير دليل على الفاعل المختار الموحد، كذلك قال: [وَقَدْ كُنْتُ أَقْرَأُ يَوْمًا مِنَ الْأَيَّامِ سُورَةَ الْمُرْسَلَاتِ فَلَمَّا وَصَلْتُ إِلَى*] قَوْلِهِ تَعَالَى: (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ (٢٠) فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (٢١). إلى قوله تعالى: (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٤). [أيقنت*] أن المراد بالمكذبين في الآية الطبائعيون [لمخالفتهم القرآن*].
قوله تعالى: (لِكَيْلا يَعْلَمَ).
ابن عطية: قيل إن [اللام*] للصيرورة وليس بشيء.
ابن عرفة: لاقتضائها جهل الفاعل بعاقبة الأمر والله تعالى هو الفاعل هنا.
قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ).
وقدم العلم لعموم تعلقه بالمعدوم والموجود والمستحيل بخلاف القدرة.
قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ... (٧١)﴾
دليل على صحة الخلاف لفظ البعض على المنصف وعلى أكثر منه لأن الفاضل أكثر رزقا من المفضول، وحكى الخلاف في البعض هل يطلق على المنصف لدلالة على شارح الجزولية في باب التنبيه.
قوله تعالى: (فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ).
فيه سؤالان الأول أن التفاوت إنما هو في الرزق التكميلي الزائد على ما يسد الرمق ويستر البدن، وأما الحاجي فهم فيه مع المالك شئون فهلا قيل: (فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي) فضل رزقهم كما قيل: (وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ) وأجيب: بوجوه الأول ابن عرفة: لو قيل: (فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي) فضل رزقهم لكان فيه غثاثة لتكرار لفظ الفضل ثلاث مرات وهذا يقال له في علم البيان: الاستخدام وهو أن [تعبر*] باللفظ عن غيره خوف السآمة. الثاني: لأن فضل الرزاق أخص من الرزق فاستعمل الأخص في الثبوت والأعم في النفي؛ لأن النفي الأعم يستلزم في الأخص،