ورده السهيلي بأنه قيل: هكذا لما احتيج إلى تقدير الزمان، وأجيب: عن دخول (مِنْ) على قبل وبعد، بأنهما غير متأصلين في الظرفية، وأنهما في الأصل صفتان للزمان، إذ معنى حيث قبلك جئت زمانا قبل زمن مجيئك، فلهذا سهل ذلك.
وأيضا قلنا: أن تجعل (مِنْ) للتبعيض لَا زائدة، كما زعم، وهو أولى (مِنْ) قول المختصر: إنها نكرة موصوفة؛ لأنه إذا انتفى إنزال بعض الجند انتفى إنزال الجند من باب أحرى؛ لأن إنزال الجميع يستلزم إنزال البعض، ونفي إنزال البعض يستلزم نفي إنزال الجميع، ويحتمل أن تكون الواو في (وَمَا كُنَّا)، واو القسم، وهو راجع لما يجد قبله، أو لما بعده، ويكون الله أقسم بما كان منزلا على عدم إنزاله على قومه جندا من السماء، أو المعنى: وحق ما كنا منزلين إن كانت إلا صيحة.
ابن هشام: جوز الزمخشري في (وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ)، الآية.. [كَون*] المعنى: ومن الذي كنا منزلين، فجوز زيادتها مع المعرفة، وتوالي مثل هذه الضمائر، نص صاحب المثل السائر: على أنه مستقبح في كلامهم، وأنشد عليه شيوخ لها منها عليها [شواهد*]، نص أبو الإصبع على أنه متضمن.
الزمخشري: وفضل سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم على سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، [بكل شيء على كبار الأنبياء وأولى العزم من الرسل، فضلا عن حبيب النجار*] (١).
قال الطيبي: يقع في بعض النسخ (على)، ويقع في أخرى فضلا (عن) حبيب، قال: [فعن*] تقتضي [السلب*]، وأن الثاني ليس له فضل، و (على) تقتضي ثبوت الفضلية للثاني، انتهى، وفي المعالم لو كان احتمال الاشتراك متساويا لاحتمال الانفراد لنا، أفادت الدلائل السمعية الظن فضلا عن اليقين.
قال شيخنا: ورأيت تأليفا للقرافي ذكر فيه أنه بحث، وما وجد من يعربها، ويقول: فما رأيت الشيوخ يقولون: إنها مصدر موضع الحال، بمعنى مفعول، مثل: قتلته صبرا، أي مصبورا، وكذلك قوله في المعالم: فضلا عن اليقين وإلا فلا يصح أن يقال فضلت اليقين فضلا، لما يلزم عليه من كون الظن أفضل من اليقين.
قوله تعالى: ﴿إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً... (٢٩)﴾
قرئ بنصب (صَيحَة) ورفعها.
ابن عطية: لَا يصح ذلك إلا على إن كانت تامة، انتهى.
"ولكنّ الله فضل محمدا ﷺ بكل شيء على كبار الأنبياء وأولى العزم من الرسل، فضلا عن حبيب النجار، وأولاه من أسباب الكرامة والإعذار ما لم يوله أحدا، فمن ذلك: أنه أنزل له جنودا من السماء، وكأنه أشار بقوله: وَما أَنْزَلْنا، وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ إلى أن إنزال الجنود من عظائم الأمور التي لا يؤهل لها إلا مثلك، وما كنا نفعله بغيرك". اهـ.