وأورد الزمخشري سؤالا قال: كيف أخبر عن (كل) بـ (جميع) [ومعناهما واحد*] مع أن الفارسي نص على أنه لَا يجوز أن [**الذاهبة قاربته صاحبها]، واستشكلوا قوله تعالى: (فَإِنْ كَانَتَا اثنَتَينِ)، لأنه يعبر عن ضمير الاثنين بالاثنين، فلا فائدة فيه، وأنشد بعض النَّاس على الفارسي، وقال: إن الجارية مضافة، والإضافة بكونها وفي ثلاثة، فلا تدل إضافة الجارية إليه على أنها ملكه، بل قد تكون جارية، فإما جاء باعتبار الجواز فقط، ثم قال صاحبها: فأفاد أنها ملكه.
وأجاب الزمخشري عن السؤال: بأن لَا يقتضي الجمع بخلاف الجميع، وهذا قد نص عليه ابن عصفور لما ذكر أن كلا لَا يؤكد بها إلا ما [تبعض في نفسه*] إذ يقابله، قال: ولا يؤكد بها ما يستقل بمعنى الكلام بالدلالة عليه، فلا يقال: تقابل الزيدان كلاهما، إذ المفاعلة لَا تكون إلا بين اثنين، قال: بخلاف أجمع فإنها يؤكدها ذلك.
ونقل في الشرح الكبير عن أبي الحسن الأخفش، أنه أجاز أن يقال: تقاتل زيدان كلاهما فناسبا على التأكيد بالجمع بعد التأكيد.
فإن قلت: قد [فرق*] ابن عصفور بين أجمع وجميع، فأجمع لَا تقتضي الجمعية، وجميع تقتضيها، أجيب: بأن ذلك إنما هو في حالة النصب، جاء الزيدان جميعا أي مجتمعين، وأما في الرفع قد فرق بين: جاء الزيدان أجمعون، أو الجميع يصح أن ما قال الزمخشري باطل، وأن جميعا لَا تفيد الجمعية، إلا إذا انتصبت على الحال، فيبق السؤال واردا.
لكن أجاب الفخر عنه بجواب حسن، وهو إذا كان في الخبر زيادة صفة أو إضافة أو تقييد فصح أن يؤتى بلفظ المبتدأ أو معناه كقولك: [الرَّجُلُ رَجُلٌ عَالِمٌ*].
قوله تعالى: ﴿مِنَ الْعُيُونِ (٣٤)﴾
عرفها، ونكر الحب والنخيل والأعناب؛ لأن هذه يتجدد شيئا بعد شيء فتكون للتكثير، و (الْعُيُونِ) لما كانت تجري دائما صارت كالشيء الواحد وأخر (الْعُيُونِ) مع أنها سبب في الجنات وأصل لها؛ لأنها علة [غائية*] لَا مقصودة بالذات، بل المقصود بها الجنات، وضمير ثمرة النخيل؛ لأنه اسم جمع مذكر بخلاف (الْعُيُونِ) فإنها مؤنثة أولا، لأن النخيل المراد به الشجر والأعناب إنما المقصود ثمرها فقط، فلا يصح


الصفحة التالية
Icon