هذا تعليل لكونها مثبته لَا سيما إن كانت جعل بمعنى خلق، وفيه إبطال للقول بوجوب مراعاة الأصلح.
فإِن قلت: هلا قال: إنها شجرة تنبت في أصل الجحيم.
قلنا: عادتهم يجيبون: بأن النبات فيه إشعار بالماء والتراب؛ وهو أقرب للمعجزة؛ لأنه نبات أخضر رطب فيما يناقضه وهو النار.
قال ابن عرفة: وهذه الشجرة يحتمل أن تكون واحدة بالنوع؛ فتكون على جهة من جهات جهنم فيها شجرة، أو تكون واحدة بالشخص.
قوله تعالى: ﴿طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (٦٥)﴾
الزمخشري: هذا استعارة إما لفظية أو معنوية.
قال الطيبي: اللفظية جعلك الشيء نفس الشيء وليس به، وهو أن يطلق اسم المشبه على [المشبه به*] [من غير أداة تشبيه*]، مثل: رأيت أسدا تريد رجلا كالأسد، والمعنوية جعلك الشيء للشيء وليس له، كقولك: إذا أصبحت بيد الشمال زمامها فهذا مدع أن للريح الشمال يدا، وللسحاب [زماما*]، وأيضا خفى الأول بحسن الرجوع للتشبيه، فيقال: رأيت رجلا كالأسد، وفي الثاني لَا يحسن ذلك، فقال: [... ] أما اللفظية فهي أن المطلع موضوع لحمل الشجرة مع قصد أن تكون نخلة باستعمال هنا غيرها، كالرسن، فإنه موضوع للأنف بشرط أن يكون فيه رسن، فإِذا استعمل في أنف الإنسان كان مجازا لفظيا، وللمعنوي هو أن يشبه حمل تلك الشجرة بالطلع الحقيقي تشبيها بليغا، ثم يطلق على ذلك الحمل اسم الطلع؛ فاستعير لحمل شجرة الزقوم اسم الطلع، وشبهه برءوس الشياطين، وفي المرئي بينهم بالقول.
كقول امرئ القيس:
أَيَقْتُلُنِي وَالْمَشْرَفِيُّ مُضَاجِعِي... وَمَسْنُونَةٌ زُرْقٌ كَأَنْيَابِ أَغْوَالِ
ولم تر الغول ولا أنيابها.
فهذا حاصله.
قال ابن عرفة: وعادتهم يقررونه قبل وصول كتاب، الطيبي لنا: بأن الاستعارة على ما قال ابن مالك في استعمال اللفظ في غير موضوعه؛ كضرب من التأويل؛