قال صاحب البرهان: لما تقدمها (قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا)، وهو أمر حسي يقتضي العلو والارتفاع، قابله بنقيضه حسا، فقال (فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ)، بخلاف قوله تعالى: (وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ)، فإن الكيد أمر معنوي فقابله بالمعنوي.
قوله تعالى: ﴿وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٢)﴾
ابن عرفة: [الحاكم إذا حكم بحكم مستدلا له، [قرينة*] على أن الحكم مختلف فيه، ولو كان مجمعا عليه لما احتاج إلى استدلال على صحته.
وقال الفخر في أجزاء المعالم اللدنية: الدليل على أن النبي أفضل من الولي وأشرف؛ أن النبي كامل مكمل، والولي كامل فقط؛ فإن الكامل المكمل أشرف. الثاني: أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: " [مَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَلَا غَرَبَتْ، عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ أَفْضَلَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ*] "، فقوله: "بَعْدَ النَّبِيِّينَ"، دليل على أن النبي أشرف، وهذا لم يخالف فيه أحد.
قيل له: لعل بعض الملاحدة أو المبتدعة خالف فيه، فقال قوله تعالى: (مِنَ الصَّالِحِينَ)، قد يتوهم منه ذلك، ولولا ذلك لما كان لذكره بعد النبوة [فائدة*].
قال: وعادتهم يجيبون عنه: أن النعت تارة يكون مرادا به الثناء، وهذا يكون فيه الثاني أعلى من الأول، وتارة يراد به حقيقة ذلك الوصف، كقوله تعالى: (أَعْلَمُ حَيثُ يَجعَلُ رِسَالَتَهُ)، وكوصفك طعاما طيبا بأنه [حسن*]، وتارة تصفه بأنه قبيح، [فهذا لحقيقة ذلك الوصف*]؛ فهو إشارة إلى أنه ممن يستحق أن يوصف بتلك الصفة.
وأجاب بعض الطلبة: بأن ذكر الصالحين تنبيه على إبراهيم لمطلوب، لقوله (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ)، أو يكون الصلاح مقولا بالتشكيك؛ وصلاح النبي أعلى من صلاح الولي.
قوله تعالى: ﴿إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (١٣٥)﴾
هي زوجته، [ولوط*] هو ابن أخت إبراهيم عليهما الصلاة والسلام، وقيل: ابن أخيه.
ابن عرفة: ولا يبعد أن يكون جمع الأمرين؛ فيكون أخوه من أبيه تزوج أخته من أمه؛ [فولد*] له لوطا عليه السلام.