الإرادة، وإما أن يجاب بأن الإهلاك نزل أولا ببعضهم، وهم رؤساؤهم، فنادى الأتباع (وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ)، مستغيثين؛ أي لَا مخلص لهم؛ فلم ينفعهم ذلك، والمناص المخلص والمنجا والفرار.
قوله تعالى: ﴿وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ... (٤)﴾
الضمير عائد على قوله تعالى: (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا)، لأن المتعجبين ليس هم السابقة؛ بل المعاصرون للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
قوله تعالى: (فَقَالَ الْكَافِرُونَ).
أتى بالفاعل ظاهرا غير مضمر؛ والأصل أن يقول: فقالوا؛ لأن خبر المبتدأ تارة يكون عاما صالحا لكل واحدة، وتارة يكون خاصا لَا يصح إلا لذلك المبتدأ.
قوله تعالى: (وَعَجِبُوا).
العجب يصلح أن يقع من كل أحد فأتى بفاعله مضمرا، وقوله تعالى: (هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ)، كلام [مختلق*] لَا يصح أن ينسب لإلههم، وقولهم: (كَذَّابٌ)؛ إما أن يريدوا أنه كاذب في سحره، أو أنه عالم بالسحر كذاب في أموره على العموم، قيل له: لعل عندهم ساحر في شيء كذاب في شيء، كما قال تعالى (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ)، وعطف العجب هنا [بالواو*]، وفي (ق) بالفاء؛ لأن التعجب بالقول سبب على التعجب بالفعل، كقوله تعالى: (فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ)، بخلاف السحر والكذب؛ فإنه غير مسبب عن التعجب بالفعل.
قوله تعالى: ﴿وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ... (٦)﴾
هم الأشراف، الأصوب تعلق (منهم) بالملأ لَا بـ (انطلق) يشعر بأنهم أشراف فقط، وتعلقه بـ[(انطلق) *] يشعر بأنهم أشرافهم؛ وإن كان في غيرهم من هو أشرف منهم.
قلت: جعله عكس ما قاله البصريون في إضافة الصفة المشبهة؛ أنه في معنى الحسن الوجه.
وقال الكوفيون: إنه في معنى الحسن وجهه.
قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (٢٥)﴾


الصفحة التالية
Icon