أخذ عنه نفي الجوهر المفارق؛ لأن الملائكة في السماء وهم فيما بينهما؛ فدل على أنهم في حيز.
ورده ابن عرفة: بأن الجوهر المفارق غير متحيز؛ كما أن [العرض*] غير متحيز، وكذلك النفوس البشرية عند الحكماء بعد مفارقتها للأجسام، والمراد: وما خلقنا [السماوات*] والأرض عبثا، ولا لغرض مقصود؛ بل خلقنا ذلك مصاحبا لمنفعة الخلق ومؤخرتهم لا لقصد ذلك.
قوله تعالى: (ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا).
احتج بها الآمدي على العنبري القائل بأن الكافر غير المعاند لا [يخلد*] في النار، بخلاف المعاند فإنهم اتفقوا على أنه مخلد في نار جهنم.
والعجب من البيضاوي كيف لم يذكر غير مذهب باطل؟
ونقل نحوه عياض في الشفاء عن الغزالي، قلنا: قاله الغزالي في كتاب التفرقة بين الإيمان والزندقة، وفي كتاب الحقائق.
قال ابن عرفة: وكلامه في كتاب الاعتقاد، كمذهب أهل السنة.
قوله تعالى: ﴿أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ... (٢٨)﴾
عبر عن المؤمنين بالفعل، وعن المفسدين بالاسم؛ إشارة إلى من اتصف بمطلق الإيمان والعمل الصالح؛ مخالف لما اتصف بأبلغ الفساد، فأحرى أن مخالفة من اتصف بأبلغ العمل الصالح هذا في ظرف الإيمان، ويبقى من اتصف بمطلق الفساد في الأرض، فيجاب عنه: بأن المراد من ثبت على فساده؛ لئلا يدخل فيه من أفسد وتاب؛ فإنه من قسم من آمن.
فإن قلت: [لم قدم*] تفاوت المؤمن للمفسد، وهلا عكس، كما قيل (لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ) لأن أسباب الفساد أكثر من أسباب الصلاح، بدليل ما تقدم في قوله تعالى: (وَجَعَلَ الظلُمَاتِ وَالنورَ)، قالوا: جمع الظلمات وأفرد النور؛ [لكثرة*] تشعب طرق الشرك [واتحاد*] الهدى، ونفي ما يتوهم ثبوته أو قرب ثبوته أولى، فالجواب: أنه بدأ بالمؤمنين اعتناء بهم وتشريفا لهم.
قوله تعالى: (أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ).