وما حكاه ابن عطية والزمخشري من قضية؛ [المرأة*] التي طلبت أن تحكم لأختها على خصمه فمن كلام القصاص لَا يليق ذكرها؛ والأنبياء معصومون منه، والأنسب في هذه أن تكون فتنة في [قوله*]: [لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى مِائَةِ امْرَأَةٍ، أَوْ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ كُلُّهُنَّ، يَأْتِي بِفَارِسٍ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ*].
قوله تعالى: (وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا).
وقال تعالى في سورة يونس لفرعون (فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ)، ولم يقل: بجسدك، ففرق تقطعهم بأن البدن ينطلقَ على ما كثرت أجزاؤه، ولذلك يقال: فلان بدن، وفي الحديث أن عائشة رضي الله عنها وكرم وجه أبيها قالت: فلَمَّا بَدَّنَ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أي فلما طعن في السن، وفرعون كان قد بلغ الغاية في السن، وأما الجسد فيصدق على الصغير الناقص الأجزاء، ولذلك قال: لم تحمل من نسائه إلا واحدة ولدت شق ولد.
قوله تعالى: ﴿وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي... (٣٥)﴾
نقلوا عن الحجاج، أنه قال: لقد كان حسودا.
قال ابن عطية: وهذا من فسقه.
قال ابن عرفة: كان بعضهم يقول: بل هذا من جهله؛ فإن الإنسان تارة يطلب من أن يعطيه شيئا يخصه به دون غيره، وتارة يطلب منه شيئا علم منه أنه لَا يعطيه إلا رجلا واحدا؛ فيرغب منه أن يكون هو ذلك الرجل، والأول: طلب الإعطاء والخصوصية، والثاني: طلب الإعطاء فقط؛ فلعل الله تعالى أوحى إلى سليمان عليه الصلاة والسلام أن هذه الهبة لَا ينالها إلا رجل واحد يكون نوعه منحصرا في شخصيه، فرغب من الله تعالى أن يكون هو ذلك الرجل، فليس في هذا حسد؛ إنما الحسد على طلب الإعطاء والخصوصية؛ لأنه يطلب منه شيئا؛ ويحرم منه غيره.
قوله تعالى: ﴿فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ... (٣٦)﴾
الفاء للسبب، أي لسبب قوله (وَهَبْ لِي مُلْكا)؛ (سَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ).
قال القشيري: ومن الدليل على فضل نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ أن بعض الأولياء من شبه قدرة الله تعالى على أن تحمل الريح؛ فيقطع المسافة الطويلة في الزمن القصير.