مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ)، وقال تعالى (وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ)، (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا)، وهذه الآية خرجت مخرج ما عنى بالأنبياء لأن قبلها (وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ)، ثم قال (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ)، ومنهم من أجاب: بأن (مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ) فيما هو الأصل الأهم.
قوله تعالى: ﴿ارْكُضْ بِرِجْلِكَ... (٤٢)﴾
ابن عرفة: يؤخذ منه جواز التداوي للمرض، أو ترجيحه مع الإجماع على عدم وجوبه؛ إلا إذا أدى تركه إلى الإخلال بالفرض؛ فإنه يجب كمن يمنعه المؤمن من الصلاة قائما، فيجب عليه التداوي. وهنا جعل له الماء دواه.
وذكر ابن عطية في سبب نزول الآية: أنه دخل على بعض الملوك فرأى منكرا فلم يغيره، قال: وروي أنه ذبح شاه وطبخها؛ وله جار جائع فلم يطعمه منها.
قال ابن عرفة: أما الثاني: [فخفيف*] إذ لعله لم يعلم بحاجة جاره، وأما الأول: فشديد لا يحل نقله وإسناده إلى الأنبياء.
قال الزمخشري: فإن قلت: لم نسبه إلى الشيطان؛ ولا يجوز أن يسلط على أنبيائه؟ قلت: لما كانت وسوسته سببا فيما مسه من المرض نسبه إليه؛ وقد راع الأدب حيث لم [ينسبه*] إلى الله تعالى في دعائه مع أن الله تعالى فاعله.
قيل لابن عرفة: كيف وهو يقول إن العبد يخلق أفعاله، فقال: لعله ممن يقول بالاعتزال؛ ولا يقول بالتولد، وتخرج من كلام الزمخشري أنه قرئ بِنُصْبٍ، ونَصَبٍ. ابن عرفة: وهو خطأ، ولا يقرأ [**كما أخذوا الذي] ذكر ابن عطية، [وأبو*] حيان من خفض عن عاصم نصب، والقراءة المشهورة عن [الجميع (بِنُصْبٍ) *].
قوله تعالى: ﴿وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا... (٤٤)﴾
قال تعالى في طه (فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى)، (قَالَ خُذهَا وَلَا تَخَف)، ولم يقل: خذها بيدك.
قال ابن عرفة: أجيب: بأن هذا من تمام النعمة على أيوب عليه السلام إشعار بأنه ردت له قوته وصحته كما كانت، فلذلك قال تعالى (وَخُذ بِيَدِكَ)؛ لأن أعضاءه كلها كانت معطلة.
قوله تعالى: ﴿أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (٤٥)﴾