راجعة للأصنام فالمراد ذم متبعيهم وأنهم مهما طلبوا من الأصنام شيئا لَا يأتوهم بخبره وهذا تمثيل حسن ونظيره قول امرئ القيس:
[وتَعطُو برَخْصٍ غيرِ شَنَئْنٍ كأنَّهُ... أَساريعُ ظَبيٍ أو مَسَاويكُ إسْحِلِ*]
والأساريع دود حمر الرءوس تشبه أنامل النساء به فشبه أصابع المرأة بالأعلى وهو عود الأراك لاستقامتها وبالدود في احمرار أطرافها لكنه شبهها بالمجموع أو أخذت من هذا صفة ومن هذا صفة وفي الآية شبه الكفار أو أصنامهم بالأبكم والمؤمنين سلم معبودتهم بالكامل الصفة فلم يشبه بالمجموع.
قوله تعالى: (أَحَدِهِمَا).
[أبهم*] الوصف بـ (أبكم) دليل على أن الله تعالى متكلم حقيقة كلاما ليس [بصوت*]، ولا حرف خلافا للمعتزلة الذين يردونه إلى صفة العلم.
ابن عرفة: لكن يقال إن أتينا الكلام بطريق السمع فلا يصح الاحتجاج بهذه الآية لأنه يجيء فيه إثبات الكلام بالكلام وإن أتيناه بالعقل من ناحية أن عدمه نقض كما هو في الآية والله تعالى منزه عن النقائص صح الاستدلال بها.
قوله تعالى: (لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيءٍ).
قلت لابن عرفة: المقصود الإخبار عن صفته الحالية فهلا قيل ما يقدر على شيء لأن ما يخلص الفعل للحال ولا عند الأكثر إنما يخلصه للاستقبال، فقال: هذا تنبيه على أن عجزه لازم ليس ينفك إذ لو بقى بما بقى للحال لتوهم أنه يقدر على ذلك في المستقبل.
قوله تعالى: (وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).
إن قلت: كونه (عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) سبب في أمره بالقول، فهلا قيل يستوي هو ومن على صراط مستقيم أنه قد يأمر بالعدل رياء وسمعة وقد [يكون*] مصرا على المعاصي وهو يأمر بالعدل ليمدح، وكما في بعض الأحاديث أن الله معنا [... ]


الصفحة التالية
Icon