قال الشيخ: ومَن في قوله تعالى: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ)، لَا يصح أن تكون استفهاما لامتناع اجتماع حرفي الاستفهام في كلمة واحدة؛ فلا بد أن تكون من موصولة، قيل له: ما المانع من كونها منادى والهمزة حرف نداء؟ فقال: يحتمل على [... ]. وقرئ (أَمَّنْ) بالتشديد.
فإن قلت: هل البداية بالسجود يدل على أنه أشرف أحوال الصلاة؛ لأنه قدم على القيام الذي هو أول؟ قال: المراد في تفضيل العملين على غيرهما من العبادة، لقوله تعالى: (سَاجِدًا وَقَائِمًا).
قوله تعالى: (اتَّقُوا رَبَّكُمْ).
قيل له: هل هو النفاق؛ لأنه كان يقول (اتَّقُوا رَبَّكُمْ)، فقال: لَا نسلم لأن الأمر بالتقوى صادر منه عليه السلام، فحسن أن يقول ربكم، قيل له: يعكس عليك قوله تعالى: (يَا عِبَادِيَ)، وهو السلام لَا نخاطبهم بذلك، فقال: الأول على جهة الحكاية، قيل له: أيما أبلغ هذه أم قوله تعالى: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى)، فقال الثانية لأنها أعم من أن تكون في الدنيا أو في الآخرة، قيل له: ما مناسبة قوله تعالى: (وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ)؟ قال: فكأن القائل يقول: فإن بعض الإحسان في بعض البلاد في العمل، فقال تعالى (وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ).
قوله تعالى: (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ).
قال: ظاهر كلام الزمخشري في جواز العطف؛ إنما لاختلاف الجهة دفعا للسؤال؛ والسؤال لَا يزول، ولابد الإخبار بالجملة الثانية لَا معنى له إذ هو مستفاد من الأولى بالضرورة؛ لأن عبادة الله منه مخلصا؛ لَا بد أن يكون ذلك أول الإسلام لاستحالة وقوع ذلك بدون الإسلام، فالأولى أخص؛ والثانية أعم، والأخص يستلزم الأعم، فلما ذكر اللازم الثاني، قيل له: لاختلاف الجهة، فقال: اختلافها إنما هو بالنسبة إلى اللفظ في حق غيره؛ وهذا السؤال إنما ورد من جهة المعنى، ومن جهة اختصاصه به.
قوله تعالى: (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ).
بوقوعها في العذاب الدائم؛ وليس لهم من الحور العين أو في الدنيا حصول.


الصفحة التالية
Icon