قوله تعالى: (وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ).
أما فيما يرجع إلى الثواب فظاهر إذ لَا خلاف فيه، وأما فيما يرجع إلى العقاب، ففيه خلاف بيننا وبين المعتزلة في المعاصي؛ فنحن نقول: إنه في المشيئة، والمعتزلة يقولون: بتخليده في نار جهنم؛ فيكون عندنا مخصوص بالمعاصي.
قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً)
فإن قلت: لم عبر في (أَنْزَلَ) وسلكه بالماضي، وقال (ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا)، فعبر بالمستقبل؟ فالجواب بوجهين:
الأول: أن إنزال الماء في الأرض سبب في إخراج النبات، فناسب جعل السبب ماضيا ومسببه مستقبلا لتأخره عنه في الوجود.
الثاني: أن الماء إذا حصل في الأرض لَا يستغرقها ولا يتغير، والنبات إذا خرج يتغير وييبس فناسب أن يعبر عن الأول بالماضى المقتضي للتحقيق والثبوت، وعن الثاني بالمستقبل المقتضي للتجدد والاختلاف.
قوله تعالى: (أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ).
إشارة إلى اتصافه بالمقدمات والدلائل المرشدة إلى الهداية.
قوله تعالى: (فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ).
إشارة إلى حصول النتيجة عن ذلك، وأنه نظر فاهتدى.
قال: وفي الآية حذف التقابل، أي فيرى له (فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ)، فهم على ضلال من ربهم، وأسند الشرح إلى الصدر مبالغة وتخصيصا على الاتصاف بأسباب ذلك.
قوله تعالى: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا).
ابن عرفة: لما تقدمها (فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم) عقبه ببيان أن قساوة قُلُوبِهِم أمر ذاتي لها؛ لَا بسبب غموض الذكر والقرآن الملقى إليهم؛ بل هو أحسن الحديث وأبينه.
وذكر ابن عطية في سبب نزول الآية غير هذا.
ونقل الزمخشري، عن ابن مسعود: أن أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ملوا ملة، فقالوا [حدثنا*] فنزلت.