فإن قلت: لم قال فيه شركاء [فعداه بـ في، و (سلما لرجل) *]: فعداه باللام، قلنا: اللام تفيد الاختصاص، وهو مناسب للمؤمن، والمشرك مناسب للظرفية؛ لأن كل واحد له فيه جزاء مظروف منه.
قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ).
قال ابن عرفة: اعلم إنه تارة يكون المقصود نفي الثاني، والمقصود هنا ملزوم الشرطية، وهو أنه لَا يجتمع وجود ملكهم لما في الأرض ومثله وجه؛ مع عدم اقتدائهم به من سوء العذاب.
قوله تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ).
ابن عرفة: يحتمل أن يريد ما عظموه [حق*] تعظيمه، وهو مقتضي كلام المفسرين، ويحتمل أن ما عظموه مطلق تعظيمه؛ وهو الصواب، لقوله تعالى: في سورة الأنعام (إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ) فهم أنكروا الرسالة، فلو عظموه [في مطلق التعظيم] لصدقوا الرسول الوارد عنه، والقرآن يفسر بعضه بعضا.
قيل لابن عرفة: تأكيده بالمصدر دليل على أن المراد أخص تعظيم، فقال: التأكيد يشعر بأن المراد التعظيم الواجب التكميلي.
قوله تعالى: (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
قال ابن عرفة: عادتهم يوردون: فيه سؤالا، وهو أنه ما المناسبة لتعقبه بهذا مع هذا لَا يعقب إلا بما يناقضه، فيقال: ما عظمت زيدا؛ وهو شجاع عالم محظي عند الأمير؛ فتأتي بما يناقض عدم تعظيمك له في الحال لَا في المستقبل، ولا تقول: ما عظمت زيدا وهو بعد عشرين متصف بالشجاعة والعلم والحظوة، فالمناسب كان عدم تقييد الجملة بيوم القيامة، وأجيب: بأن العلم بتحقيق وقوع ذلك في المستقبل كاف في حصول التصديق به، واتصاف فاعله بكمال القدرة؛ لأن بعثة الرسول عندنا جائزة، وقد أخبر الرسول بوقوع المعاد الدار الآخرة، وهو حاصل بالدليل السمعي، ونسب الطي للسماوات دون الأرض لعظمتها، فكبر جرمها بالنسبة إلى الأرض؛ فليس وجوب المعاد مستفاد بالدليل العقلي إلا عند المعتزلة القائلين بالتحسين والتقبيح.
قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ... (٧٤)﴾
ابن عرفة: قالوا: لم عطفه بالواو؟ فأجابوا: بأنه لو لم يعطفه لتوهم إنه من تمام المقاولة مع الملائكة، كأن قائلا يقول: بالذي أجابوا به الملائكة، فيقال (الْحَمْدُ


الصفحة التالية
Icon