السالكون]: المراد نجازي كل نفس بسبب كسبها الذي كسبت، فيرجع [سببه للجزاء*] وهو الثواب والعقاب، والجزاء يطلق على الإثم وهو المجزى به، وعلى المصدر، وهو [المجازاة*] وهي المحاسبة.
قوله تعالى: (لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ).
مع أن الظلم منفي عن الله تعالى في الدنيا والآخرة، لكن التقييد بالظرف راجع إلى النَّاس فيما بينهم، أي لَا يظلم بعضهم بعضا يوم القيامة بخلاف الدنيا.
قوله تعالى: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ... (١٨)﴾
يحتمل أن يكون الظرف والعامل فيها ما في (الآزِفَةِ)، أي يوم الواقعة القريبة إذ الحناجر، ويكون عبر بإذ عن المستقبل بالتحقيق، كقوله تعالى: (أَتَى أَمْرُ اللَّهِ).
فإن قلت: المضاف إليه لَا يعمل، قلنا: قد عملت الجوامد، كقوله: أنا ابن جارية إذ حد النظر؛ وأحرى المضاف إليه، وجعله أبو حيان بدلا من قوله (يَوْمَ الآزِفَةِ) وأعرب (يَومَ الآزِفَةِ) مفعولا؛ فأخرجها عن الظرفية، وجعله من عمل الفعل في المفعول به لَا في الظرف.
قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ... (٢٠)﴾
يحتمل أن يريد بالقضاء الحكم فقط، ويحتمل الحكم والفعل، فيكون فيه شبهة للمعتزلة في أنه لَا يفعل القبائح؛ يحتمل أن يريد بالحق الأمر المستلزم للثواب، فحينئذ ترك هذه الشبهة، ويحتمل أن يريد به نفس الحق الذي هو ضد الباطل، وهذا إما في الدنيا والآخرة فهو الصواب، كقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ)، أو هو في الدنيا فقط.
قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَسِيرُوا... (٢١)﴾
يحتمل السير الحسي بالنظر في آثار الأمم السالفة وفي مساكنهم، وحمل السير المعنوي بالنظر في كتب التاريخ، ويؤخذ منه أن التواتر يفيد العلم، وأن العلم الحاصل عن التواتر نظري لَا ضروري؟ وفيه خلاف، قيل: إنه نظري، وقيل: إنه ضروري، وهذه الآية تدل على أنه نظري، كقوله (فَيَنْظُرُوا)، لكن هذا إن أريد به النظر بالفكر، إما أن أريد به النظر بالبصر والسير الحسي؛ فلا يؤخذ منه ذلك.
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٢٣)﴾


الصفحة التالية
Icon