قيل لابن عرفة: وكيف تغدو من الغد [بيضا*]؟ فقال: لعل تلك الأرواح تنتقل من الغد إلى حواصل طيور أخرى بيض، أو لعل تلك الطيور نبت لها من الغد ريش أبيض؛ لأن ذلك خرق.
قوله تعالى: ﴿وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ... (٤٧)﴾
قال ابن عرفة: عادتهم يقولون: المحاجة مفاعلة واقعة من الجانبين؛ وهي هنا واقعة من الضعفاء فقط، وأما المستكبرون فإنهم قالوا: [إِنَّا كُلٌّ فِيهَا*]، وهذا ليس باحتجاج ولا جواب مع أن قول الضعفاء أتى كالتفسير للمحاجة، قال: وتقدم الجواب بأن الجملة المفسرة إنما تأتي غير معطوفة، والعطف يقتضي المغايرة إلا في قليل، كقوله تعالى: (وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ) فهذا ما خرج عن ذلك؛ فلم يفسر والآية مخاطبتهم، بل ذكر ما يقولون بعد تمامها.
قيل لابن عرفة: أو يكون قول المستكبرين: إن الله قد حكم بين العباد هو الجواب: أي حكم بمساواتكم لنا في العذاب، فلا طاقة لنا على [تخفيفه*] عنكم.
قوله تعالى: ﴿وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (٥٠)﴾
يؤخذ منه منع أهل الذمة من الخروج مع المسلمين للاستسقاء في دار الدنيا، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لمعاذ لما بعثه إلى اليمن [وأهلها*] كفار: "واتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب".
قوله تعالى: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا... (٥١)﴾
ابن عطية: هذا إما عام مخصوص؛ لأن في الأنبياء من قتله قومه ولم ينصر عليهم كيحيى، وإما لأن المضرة واقعة بين وفاة من قتل منهم بالانتقام له في قومه في الدنيا.
ابن عرفة: فإن قيل: أن يحيى عليه السلام ليس برسول فالمقام باق على عمومه، قلنا: هو داخل في عموم قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُوا).
قوله تعالى: ﴿وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ... (٥٢)﴾