قال ابن عرفة: الترجي مصروف للمخاطب، قلت له: كيف يفهم هذا لأنه ليس المطلوب منهم ترجي الشكر وإنما المطلوب إيقاعه، فقال يترجون الشكر النافع؛ لأنهم ليسوا على يقين من قبول شكرهم الحاصل لهم بالفعل محصول الثواب عليه.
قوله تعالى: ﴿مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ... (٧٩)﴾
قيل له: المناسب أن يقال: حائرات في جو السماء لأن المسخرات من [الطير*] والطير يعلو أو يرتفع ويمتنع منا فلا يقدر عليه إلا بعد التخيل فليست بمسخرات وإنما المطابق للتسخير ما جاء في قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا)، وقوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ) ربطها: (وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ)، وقال: إشارة إلى افتقارها إلى ماسك وقادر وخالق يقدرها على التحرك في الفضاء لأنه أعجب وأغرب من وقوعها فيه.
قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا... (٨٠)﴾
أضاف البيوت إليهم إشارة إلى أنها وإن كانت من بنائهم وعمل أيديهم فالله تعالى هو جاعلها ومقدرهم عليها.
قوله تعالى: (وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ).
استحقاقها يوم للإقامة لأن بيوت الشعر ليس في خبرها كلمة خلاف بناء البيوت بالحجر وبيوت الفحم، وأهل الحجاز إنما هي من الجلود وهي أحسن من الشعر.
قوله تعالى: ﴿وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ... (٨١)﴾
قيل: إن المعطوف محذوف للدلالة أي البرد والحر.
ابن عرفة: ويحتمل أن يقال: إن المانع من الشيء مانع من نقيضه وهكذا قال ابن الحاجب: في كتابه عن هذا القياس من مختصره الأصلي ما نصه: وإن كان وجوده ينافي وجود المناسب، لم يصلح عدمه مظنة نقيضه؛ لأنه إن كان ظاهرا يقين نفسه، وإن كان خفيا فنقيضه خفي ولا يصلح الخفي مظنة الخفي.
قال ابن عرفة: فقد يقال إن نقيض الخفي إنما هو على نحو إذا فهم أن العلم بأحد النقيضين يستلزم العلم بالآخر، والحر نقيض البرد والعلم به وبما بقي منه يستلزم العلم


الصفحة التالية
Icon