قال: وفي الآية دليل على وجوب النظر، قال: والتعبير بلفظه أن فعلهم حتى كأنه غير واقع منهم اعتبارا بالأمر الشرعي لَا العادي مثل صاعقة [عاد وثمود*].
قال ابن عرفة: إن كانت صاعقة ثمود مثل صاعقة عاد لزم التكرار من غير فائدة، وإن كانت مخالفة لها لزم مماثلة الشيء بواحد لأمرين مختلفين وهو باطل، قال: والمثلان عند الفقه باعتبار العادة هما المتساويان في الأمور الأعمية من جميع الوجوه، وعند المتكلمين هما المتفقان في صفات النفس وإن اختلفا في الأمور الأعمية فإِن كانت هذه الصاعقة فلأنها في تشبيهها بصاعقة ثمود، وإن كانت مماثلة لأحدهما ومخالفة للأخرى فلا يصح التشبيه، قال: وتقدم الجواب بأن التعدد في التشبيه مبالغة في تأكد العذاب وتكرره، وإنه يحل ببعضهم صاعقة كصاعقة عاد، ويحل ببعضهم أخرى كصاعقة ثمود.
قلت: فالمماثلة في وقوع الصاعقة من حيث كونها آية والمخالفة في صفتها.
قوله تعالى: ﴿إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ... (١٤)﴾
ابن عطية: أي في أول تكليفهم، (وَمِنْ خَلْفِهِمْ) أي في آخر عمرهم.
الزمخشري: (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) أي من بين أيدي الأمم ومن خلفها الرسل المرسلين إليهم، أي جاءتهم رسل بعد رسل.
قوله تعالى: (لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً).
ابن عرفة: الصواب تفسير لها أي لو شاء الله إرسال الرسل لأنزل ملائكته لكنه لم ينزل فلم يرسل رسلا.
ولكن كما قال أبو حيان: لما صح الاستثناء لأنه يكون التقدير: لكنه لم ينزل ملائكة فلم يرسل إلينا ملائكة، والغرض أنه كذلك وقع فلم يتم له، فالصواب أنه يرد مفعول بشاهد غير جواب لواو لازمة.
قوله تعالى: ﴿فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا... (١٦)﴾
قال ابن عطية: (صَرْصَرًا) هو من صر يصر إذا صوت صوتا يشبه الصاد والراء، وكذلك يجيء صوت الريح أكثر الأوقات.
قال ابن عرفة: قالوا: الطباق هو موافقة اللفظ للمعنى إما في الإفراد، كقولهم: [صرصر البازي*]، [وصرصر العصفور*]، وإما في التركيب، كقوله تعالى: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (١) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (٢) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٣) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤).