ابن عرفة: ويحتمل أن يراد ما يقال لك من كلمة التوحيد واعتقاد ما يجب لله وما يستحيل عليه إلا ما قد قيل لغيرك من الرسل، فالمقول على هذا نوعين: ما قيل لغيره وهو كلمة لَا إله إلا الله.
قوله تعالى: (إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ).
ولم يقل: ذو مغفرة شاملة، كما قال تعالى (وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ) تغليبا للخوف على جانب الرجاء.
قوله تعالى: ﴿وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا... (٤٧)﴾
أما معطوف على الساعة، أي داليه يرد علم الساعة، (وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ) فما موصولة فهو منحصر في علم الله، وإمَّا متصل بما بعده وما نافية.
قال ابن عرفة: والثمرات بعد حصولها في الأكمام قد يدعي أحد علمها، وكذلك الحمل بعد ظهوره، وأما قبل حصول الثمرات في الكم فلا يقدر أحد أن يدعي علمها، وكذلك النطفة حين حصولها في الرحم لَا يعلم أحد لها بوجه، فلذلك أسند العلم إلى الله تعالى في حالة إمكان ادعاء العلمِ بها فأحرى في حال عدم ادعائه. قوله تعالى: (وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ... (٥١)
قال ابن عرفة: النأي عن الشيء البعد منه أقوى من الإعراض عنه، فلذلك عطفه عليه أو يكون الاعتراض من صفة المؤمن، والنأي من صفة الكافر أو هو قدر مشترك بين الجميع، وعبر هنا بالفعل مبالغة في ذمه بمطلق الإعراض، ثم عبر بالاسم، في قوله تعالى: (فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ) مبالغة في ذمه بكثرة الإلحاح وملازمته له عند نزول الشدائد به.
قوله تعالى: (وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ).
لأن العرض يستلزم الطول فكل عريض طويل والطويل قد لَا يكون عريضا.
ابن عرفة: هذا لَا يصح، فإن الطول والعرض أمران نسبيان، فالشيء لَا بد له من طول وعرض، وكذلك الخيط لَا بد له من طول وعرض، والصواب كأن يقول: عظم العرض يستلزم الطول، والطول لَا يستلزم العرض، بدليل المفتول والحبل فإنهما طويلان قليلا العرض بخلاف [ما لو*] كان الشيء كثير العرض، فإن طوله إما أن يكون قدر عرضه، أو أعظم منه، ولا يكون أقل منه أصلا بوجه.