قيل: هو راجع لعملهم أو لجزائه فهل المراد يجزيهم بجزاء أحسن عملهم أو بأحسن جزاء عملهم والباء على هذا للتعدية أو [للإلصاق*] أو المراد أنهم يجازون على أحسن عملهم ويبقى ما دونه مسكوتا عنه والباء على هذا للسبب وفي الآية دليل على أن الترك فعل لأن الصبر هو حبس النفس إما على المؤلمات والمشاق فهو فعل أو عقبها على الملائمات فهو ترك وسمى في الآية جميع ذلك عملا.
قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ... (٩٨)﴾
أي إذا أردت أن تقرأه، الزمخشري: [وعبر عن إرادة الفعل بالفعل لأن الفعل يوجد عند [القصد والإرادة بغير فاصل وعلى حسبه، فكان منه بسبب قوىّ وملابسة ظاهرة*] (١). ابن عرفة: أراد أن الإرادة لَا تكون إلا مقارنة للفعل ولا تكون سابقة عليه، وهذا في الإرادة الحادثة بإتقان منا ومنهم وإنما بخلاف بيننا في إرادة الله تعالى، قيل لابن عرفة: قد يريد اليوم أن يقوم [... ] فقال هذه تسمى عندنا وعندهم شهوة [وليست*] بإرادة، قال: لأن الإرادة هي التخصيص والتخصيص لَا يكون إلا بوجود المخصص وأما الشهوة فهي الليل ولهذا تجد المريض بالحمى مشتهي البطيخ ولا يريد أن يأكله لأنه يضر به حسبما ذكر ذلك قاله إمام الحرمين في الشامل.
قال الزمخشري: وعن ابن مسعود: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقلت: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم فقال لي: "يا ابن أم عبد قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هكذا أقرأنيه جبريل عن القلم عن اللوح" قال ابن عرفة: المناسبة عن اللوح عن القلم، قلنا: إنما قال الزمخشري ما تقدم فقال: يحتمل أن يكون وجهه أن جبريل كتب ذلك من اللوح المحفوظ في صحف ونزل بها إلى سماء الدنيا ثم كان يخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بما في تلك الصحف، وقوله: "يا ابن أم عبد" يعني هو بذاته لأن اسمه عبد الله بن مسعود، وقال ابن عرفة: وفي لفظ القرآن خلاف قيل إنه اسم للكل مثل غيره بالنسبة إلى أجزائها، وقيل: إنه يصح أن يطلق على بعضه قرآنا فيكون كالماء ونحوه من أسماء الأجناس

(١) العبارة في المطبوع مضطربة، والتصويب من (الكشاف. ٢/ ٦٣٣).


الصفحة التالية
Icon