وهو نفي السرف عنهم لأنه علم من حالهم عدم البخل لأن الكلام إنما هو في المنفقين.
ابن عرفة: ولو قيل إذا انفقوا لم يقتروا ولم يسرفوا لكان الجواب غير الشرط كقولنا إذا لم يبخلوا لم يبخلوا فلا يكون فيه فائدة.
قوله تعالى: ﴿لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ... (٣٠)﴾
أي لمن يشاء بسط الرزق له، وقال ابن عطية: لمن يعلم أن في بسط الرزق العقليين عندهم وأمَّا عندنا فالحسن والقبح شرعيان لَا عقليان.
قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ... (٣١)﴾
وقال في سورة الأنعام (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ) فقدم هنا ضمير الأولاد وأخره في الأنعام فما السر في ذلك.
ابن عرفة: أجابوا بأن المخاطب هنا من عزم على قتل ولده في حال غناه خشية أن يصير بإنفاقه عليه فقيرا والمخاطب في سورة الأنعام هو من عزم على قتل ولده في حال فقره وإملاقه... عياله والأعم الأغلب المشاهد من النَّاس أن إلا [٤٩/ ٢٣٧] قيل: نزول البلاء بأنه يفضل أولاده وأحفاده على نفسه ويودان أن يكون فاداهم فيما يؤمهم وينزل بهم فإذا رأى البلاء عيانا وحل به لم يفضل أحد على نفسه إنما يجب خلاص نفسه منه دون أحب النَّاس إليه ولا يحب إلا نفسه هذا في كل آية بما هو الأهم فيها ففي سورة الأنعام الأهم عليهم أنفسهم لأنهم فقراء قد ذاقوا ألم الفقر والإملاق فلذلك قيل فيها نحن نرزقهم وإياهم وهنا الأهم عليهم أولادهم لأنهم أغنياء لكن خافوا الفقر.
قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا... (٣٢)﴾
[**الزنا عند مالك وأبي حنيفة]، فإن قلت: [لم نهى*] عن قربه دون قرب القبل؟ قلنا: لأن الزنا له مقدمات كالقبلة والملامسة وهي كلها محرمة فنهى عن قربه ليتناول النهي عن المقدمات، قلت: والنفس تدعوا إلى هذه المقدمات من الجانبين، ومقدمات القبل ضيقة؛ لأن المقتول يدافع عن نفسه، فإن قلت: ما فائدة قوله تعالى: (إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً) مع أنه إن كان تعليلا عقليا كان حجة المعتزلة في أن أفعال العبد معللة وأن الزنا قبيح عقلا، وإن كان شرعيا لزم تعليل الشيء نفسه لأن يكون المعنى لَا تقربوا الزنا لأنكم لَا تقربوه [**وأقضيكم عن قربه لأنكم قضيتم] عنه لأن صحته لم تثبت إلا من جهة الشرع، فالجواب أنه يكون هذا إشارة إلى أن تحريمه ثابت في الشرائع المتقدمة لأن


الصفحة التالية
Icon