إنكار للإعادة بعد الفناء، فالثاني أعم فيكون من تأكيد نفي الأخص بنفي الأعم كما يقول ليس في هذه الدار إنسان ثم نقول بأن فيها حيوانا، فهو تأكيد للأول.
قوله تعالى: ﴿قُلْ كُونُوا حِجَارَةً... (٥٠)﴾
قال ابن عطية: صيغة افعل للتعجيز، وقال الطيبي: للخيرة، وقال ابن التلمساني: التعجيز بقوله تعالى: (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ).
قوله تعالى: ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ... (٥٣)﴾
فأورد عليه أنه يلزم عليه اللف في الخبر لأن بعضهم لم يمثل هذا الأمر وأجيب بوجهين: إما بأن العباد خاص بالمؤمنين كقوله تعالى: (إِنَّ عِبَادِي لَيسَ لَكَ عَلَيْهِم سُلْطَانٌ) وإمَّا بأنه عام مخصوص، وقال المبرد: تقديره قل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ويرد عليه ما أورده أبو حيان في قوله تعالى: (قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ) وهو أن يكون الجواب عين الشرط وأجيب بأن يكون جوابا للأمر، وهو قل لأنه جواب لقوله: (يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) والتي هي أحسن كلمة التوحيد وهي لا إله إلا الله، وقيل: إنها الخطاب اللين أي [لا يخاشنوهم*]؛ كقوله: (وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) وفسرها بقوله: (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ) أي لَا تقولوا إنكم من [أهل النَّار*] ولكن خاطبوهم خطابا لينا لئلا يغيظهم ذلك، ورده ابن عرفة بقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: " [وَأَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ*] ". فصح أنها الكلمة التي هي أحسن.
قوله تعالى: ﴿إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ... (٥٤)﴾
إن قلت: هلا عطفه بالواو؛ لأن الرحمة والعذاب صالحان لكل واحد منهما و (أو) يقتضي صلاحية الرحمة لفريق، والعذاب لفريق؛ لأنها [للتفصيل*] [فهي حجة لمذهب المعتزلة*]، والجواب أن الرحمة عند المعتزلة أمر عقلي، ونحن نقول هو أمر شرعي، فوعد الشرع بتعذيب العاصي وتنعيم الطائع.
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ... (٥٥)﴾
قال هذه أخص من قوله تعالى: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ) فإن تفضيل الأعم يستلزم تفضيل الأخص على الأخص ولا ينعكس.
قوله تعالى: ﴿وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ... (٥٩)﴾


الصفحة التالية
Icon