الفاء للسبب أي بسبب هذه المقالة لَا أظلم منه. قال: والجمع بينه وبين قوله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) أنه ينتج تساويهما في الظلم قال: ومن أفتى في قتله غير مستند لدليل ولا إلى نقل صحيح فهو مفترٍ على الله الكذب؛ لأن الحكم الشرعي هو خطاب الله تعالى.
قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (١٧)﴾
لأن الحكم الشرعي هو خطاب الله تعالى؛ فإن قلت: هلا قيل: ولي له فهو أبلغ فالجواب إن نفي الوجدان يستلزم البحث عن الولي وعدم وجوده وهو إنكار أشق من عدمه.
قوله تعالى: ﴿وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ... (١٨)﴾
فإن بعضهم يقول عرف القرآن أن الرقاد أشد من النوم، قال تعالى: (فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ) وقال: (قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا).
قوله تعالى: (وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ).
هذه الآية خرج فيها الأمر الخارق للعادة بالأمر العادي لأن حياتهم ثلاثمائة عام وتسعة أعوام بلا أكل ولا شرب أمر خارق للعادة وتقلبهم يمينا وشمالا أمر عادي، قال: وقعت مسألة في مسلمين ومشركين فضرب مسلم رجلا فقتله، وقال: إنما هو كافر فشهدت عليه بينة أنه قصد إلى ضرب رجل هو مسلم وكانت البينة أو ماتوا فهل للقاتل في الحال تعلق بالحال وارتباط بها أم لَا؟ فهل يقال إن شهادتهم بقصده إلى ضربه وهو مسلم يستلزم شعوره بأنه مسلم فيلزمه القصاص أم لَا يستلزم ذلك، وإنما هو خطأ وفي المسألة قولان، وكان بعضهم يستدل عند الآية على أنه لَا تعلق له به ولا يستلزمه لأن حسابهم أيقاظ لَا يستلزم حسابهم رقود بل هم في نفس الأمر رقود والناظر إليهم يعتقد إنهم أيقاظ.
قوله تعالى: (وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا).
ابن عرفة: عادتهم يوردون فيها أن الرعب والخوف منهم يسبب في الفرار عنهم فهلا قدم عليه، وعادتهم يجيبون بإنه إشارة لشدة الخوف منهم؛ لأن الهارب منهم مهما بعد عنهم أطمأنت نفسه وأمن من خوفه، وهو الهارب منهم لَا يزال مرعوبا فالرعب منهم سابق على القرب ومتأخر عنه فهو أشد في الخوف.