قال ابن عرفة: انظر هذا الكلام في نفسه صدق أو كذب قال: هذا عندي جار على ما قالوه في كتاب النكاح فيمن رأى امرأة في الطريق فقال هذه طالق فكان ظانا أنها زوجته فتبين أنها أجنبية عنه، فقيل: يلزم الطلاق اعتبارا بنيته، وقيل: لَا يلزم اعتبارا بما في نفس الأمر، وكذلك مسألة من قال: يا ناصح فأجاب مرزوق فقال له: أنت حر فعلى القول الأول يلزم الطلاق له يكون هذا الكلام صدقا؛ لأنهم اعتقدوا أنهم كفار لعلمهم أن الملك الكافر لم يزل جبارا على القول باعتبار ما في نفس الأمر يكون هذا الكلام كذبا، قال: ويؤخذ منه أن بين أوصى رجلا بوصية فإنه يقتضي له أن يذكر له من الأوصاف ما يجعله به على امتثال ما أوصاه به ولاسيما أن هذه الأوصاف فيها ما يرجع إلى ذات الموصى.
قوله تعالى: (أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ).
إن قلت: لما قدره على التحفظ منهم بأن يكفروا في الظاهر ويؤمنوا في الباطن؟ قلنا: التحفظ منهم من الكفر في الظاهر [تنزيها لذواتهم عن الكفر ظاهرا أو باطناً*].
وقوله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ... (٢١).. قال ابن عرفة: كان بعضهم يرد على إمام الحرمين في قوله في حد النظر إنه هو الذي يؤدي إلى العثور على الوجه الذي منه [يدل*] الدليل فإن العثور عليه يكون اتفاقيا من غير قصد تقول عثر زيد على كذا إذا أصابه من غير قصد إليه فمعنى الآية، وكذلك جعلنا ناس عاثرين عليهم من العاثر لأنه يعثر على الشيء من غير قصد.
قوله تعالى: (لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ).
الوعد على حقيقته [وهو في الكتب السالفة*] فمجرد الإخبار به كاف في أنه حق، فلا حاجة إلى ذكر ما يحققه، وإن كان المراد بالوعد الإلهام بمعنى [أُلهموا ذلك*] أو خطر ببالهم، فأطلع الله تعالى على ما تحقق لهم ما حصل في اعتقادهم، وقد وقع الوعد في القرآن بمعنى الإلهام، قال تعالى: (فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ) بعد أن قال: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ).
قوله تعالى: ﴿سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ... (٢٢)﴾