إنما أفردها تنبيها على أنه استشعر ذلك عند دخوله إحداهما فأحرى إذا دخلهما، أو لأن الدخول لَا يقع إليهما في حالة واحدة بل إنما يدخل إحداهما أولا ثم يدخل الأخرى بعد ذلك.
قوله تعالى: (مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا).
إن أراد الأرض والسماوات فيؤخذ منه أنه كان يقول بقدم العالم. قاله ابن عطية:
قال ابن عرفة: لأن بما ثبت قدمه يستحال عدمه؛ فعكسها ابن عطية، فقال: ما استحال عدمه ثبت قدمه هذه أصول العالم وهي السماوات والأرض، وأما الجزئيات كالأشجار والثمار فمعلوم أنها تفنى ويخلفها غيرها.
قوله تعالى: ﴿قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ... (٣٧)﴾
كفره إما بإنكاره المعاد؛ لقوله (وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً)، أو شكه فيه لقوله (وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي).
ابن عرفة: وتقدمنا فيها إشكال وهو ما الموجب لتكفيره إياه؛ مع أن المعاد عند أهل السنة إنما هو ثابت بالسمع لَا بالعقل، والعقل اقتضى إمكانه وتجويز وقوعه؛ لأن وجوب وقوعه، والمعتزلة يقولون: إنه واجب الوقوع عقلا بناء على قاعدة التحسين والتقبيح عندهم، فإما أن يجاب بأنهم لعلهم كان غيرهم سمع واقتضى وجوب المعاد وإنكاره كفرا، وفهم عنه أنه مشرك بالله حسبما أقر به على نفسه في آخر الآية، في قوله (وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا (٤٢).. قيل لابن عرفة: فكيف يكفره بإنكاره ما ثبت بالسمع ثم يستدل بما فيه بالعقل.
قوله تعالى: (مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ).
استدل له بأصل بعد منفصل وهو التراب، وأصل بعد متصل وهو النطفة؛ أي خلق أباك من تراب ثم من نطفة.
قوله تعالى: (وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ).
أفردهما؛ وهما جنتان تحقيرا لهما.
قوله تعالى: (فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ).
ابن عرفة: وكان بعضهم يقول سببا للذم إن كان فعليا، فالعادة تكون الندم بتقليب الكف، وإن كان قوليا فيكون بالقرع على السن.
كما قال الشهرستاني في أول نهاية الإقدام:


الصفحة التالية
Icon