[لقد طفت في تلك المعاهد كلّها... وسيّرت طرفي بين تلك العوالم
فلم أر إلّا واضعا كفّ حائر... على ذقنه أو قارعا سنّ نادم*]
قوله تعالى: (وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا).
قال ابن مالك: حرف النداء إن دخل على ليت فإنه للتشبيه لَا للنداء؛ كقوله تعالى: (يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا)؛ لأنه لم يكن هنالك من [تناديه*].
قال ابن عرفة: بل هنالك ربها، أي يا رب ليتني مت قبل هذا.
قوله تعالى: ﴿وَلَمْ تَكُنْ لَهُ فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ... (٤٣)﴾
قال الزمخشري: أي يقدرون على نصره من دون الله.
قال الطيبي: إنما صرف اللفظ على ظاهره؛ فالمعنى لم ينصره أحد بالفعل دون الله؛ فمفهومه أن الله ينصره مع أن الثابت أن الله لَا ينصره؛ لذلك قال: لم يقدر على نصرته أحد دون الله، فمفهومه إن الله قادر على نصرته ولم ينصره، ورده ابن عرفة بأن هذا غير محتاج إليه؛ لأن في الآية (وَلَم تَكُنْ) ولفظ كان المنفي يقتضي نفي القابلية، فالمعنى ولم تكن له فيه قابلية لنصرته سوى الله فهي مفهومة أن الله قابل لنصرته ولم ينصره، وهذا المعنى ليس من الآية.
قوله تعالى: ﴿وَخَيْرٌ عُقْبًا (٤٤)﴾
قال الزمخشري، وابن عطية: أي خير في العاقبة باعتبار الدنيا والآخرة.
ابن عرفة: ويحتمل أن يراد العذاب؛ أي هو خير في العقوبة؛ لأن عقوبة الكافر هو للمؤمن خير. فيكون ذلك في الدنيا كما وقع في هذه القضية.
قوله تعالى: ﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا... (٤٥)﴾
ابن عرفة: وجه مناسبتها لما قبلها؛ أنه لما تقدم ذم الحياة الدنيا باعتبار ما نشأ عنها من الشرك، والعجب، والبطر، والرياء عقبه بذمها في نفسها بكون نعيمها زائلا مضمحلا [شبهها بالماء*] في كونه ينزل فينشأ عنه النبات الأخضر الناعم ثم يضمحل، فكذلك الإنسان يوجد بعد أن لم يكن ثم تدرج حالاته من الصغر إلى الشباب، ثم إلى الكبر ثم ينعدم.
قوله تعالى: (وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا).