ابن عرفة: الظاهر عندي بأن الألف واللام في القرى للعهد، والمراد قرى الأولين الذين تقدم ذكرهم في قوله تعالى: (إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ).
قوله تعالى: ﴿مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ... (٦٠)﴾
كان بعضهم يقول: يقع في نفسي أن مجمع البحرين هو مجمع البحر المالح ووادي مجردة عند الذرية، وهو الذي يقال له: فرق البحرين والصخرة فصخرة أبي ربيعة، والجدار في المجدية، والسفينة هي التي كانت تجلب الحجر والرخام؛ إنما الحقيقة العادية من خراسان.
قال الزمخشري: مجمع البحرين ملتقى بحري فارس والروم بالمشرق، وقيل: طنجة بالأندلس عند زقاق سبتة وهو ملتقى بحر الظلمات والبحر الآخر، وقيل: إفريقية، واختلفوا في الخضر هل هو حي أم ميت، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "لا إسلام لمن لَا هجرة له"، فلو كان حيا لهاجر، وقال [مكي بن أبي طالب*] في القوت: إنه هاجر، وقال أبو المعالي: الظاهر أنه [... ]. ووقع في البخاري: "أَرَأَيْتَكُمْ [لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا، لاَ يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ*] "، فأجيب بأنه لعله كان بين السماء والأرض أو كان في البحر، والمراد بالأرض أرض بلدهم التي هم فيها، كقوله تعالى: (يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ).
قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا... (٦١)﴾
معطوف على فعل مقدر، أي صارا فلما بلغا.
قوله تعالى: (نَسِيَا حُوتَهُمَا).
النسيان إما بمعنى الترك، أو هو في حق يوشع عليه السلام على حقيقته، وفي حق موسى بمعنى الترك، فإن قلت: لاتخاذ الترك متقدم على النسيان؛ لأن يوشع لما رقد موسى وبقي هو يحرس، طاش الحوت ودخل في البحر، فهم يوشع أن يوقظ موسى وهابه (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا) وعزم يوشع على أن يخبر بذلك موسى إذا استيقظ من نومه، فلما استيقظ سيء أن يخبره؛ فكان الأولى أن يقال: فلما بلغا مجمع بينهما اتخذ سبيله في البحر سربا فنسيا حوتهما، ولإتيان العطف بالفاء


الصفحة التالية
Icon