فيها سؤالان:
الأول: لم أعاد الاسم الظاهر، وهلا قال: استطعماهم؟ قال: فأجيب بأن المراد أنهما استطعما كرم أهلها ومن يظن به منهم التكرم؛ لَا أنهما قصدا الجميع.
السؤال الثاني: أن الاستطعام أعم لصدقه لأدنى شيء، والضيافة أخص إما ليلة أو ثلاثة أيام أو نحو ذلك؛ فاستعمل في الآية إلا في الثبوت والأخص في النفي، والقاعدة عكس ذلك، قال: وأجيب: بأنهما قصدا التلطف في الطلب فعبرا بأدنى العبارات، وهو الإطعام الذي حصل مدلوله باللقمة الواحدة، وقوبلا هما بالامتناع من الضيافة بقصدهما الإسراف من أهلها الذين لَا يطلب منهم إلا المقابلة بالتسامي في [الإكرام*] على قدر همهم وعظم منازلهم؛ بل إنما أجاب بأن موسى والخضر عليهما السلام لَا يقابلان إلا بالضيافة الكاملة لَا مطلق الطعام؛ فلذلك قال (فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا).
قوله تعالى: (فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ).
قيل لابن عرفة: هل هذا مجاز في الإسناد؟ فقال: لَا بل هو مجاز في الإفراد؛ لأن إرادته مجاز وانقضاضه مجاز؛ حتى كان بعضهم يقول: المجاز في الإسناد لا يمكن بصورة إلا في مثال واحد؛ وهو: أنا قد قررنا الفرق بين الحكم التقييدي والحكم الإسنادي، كقولك: الرجل العاقل قائم؛ فالعقل قيد والقيام إسناد، فإذا قلنا: الذي لَا تجوز شهادته فهو صادق بكون الحكم التقييدي عند المنطقيين من قبيل التصديق لَا من التصور؛ فهو مجازي في الإسناد، وهو من مجاز إطلاق الملزوم على اللازم.
قوله تعالى: ﴿قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ... (٧٨)﴾
الإشارة إما إلى الشرط الواقع بينهما، والتقدير هذا فراق الصلة بيني وبينك، فإن قلت: هلا قال: هذا فراق بيننا، فإن أعاد لفظ بين تحقيقا للمفارقة حتى لَا يجمع بينه وبيّنه في لفظ بيننا.
قيل لابن عرفة: إن الحريري قال في مقاماته في السابعة والثلاثين:
واستنزل [الريَّ*] من درِّ السحاب
[فإنْ بُلّتْ يَداكَ بهِ فليَهنِكَ الظّفَرُ*].


الصفحة التالية
Icon