بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سُورَةُ الشُّورَى
قوله تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا... (١٣)﴾
ابن عرفة: كلام متعلق الخبر مستقبلا سمي وصية، وإن كان حاليا سمي واجبا، ولما كان دينا مستقبلا عن دين نوح وغيره من الأنبياء، أطلق على الدين المؤيد إليهم به وصية، وأطلق على الدين المنزل إلينا وحي لأنه حالي ليس بعده شيء، ولما كان نوح غائبا عنا، فقال تعالى (مَا وَصَّى) بلفظ الغيبة، ثم قال: (وَالذِي أَوْحَيْنَا) بلفظ التكلم لأنه خطاب للحاضر، فغلب فيه خطاب الحاضر على الغائب فأدخل بعده فيه، فقال تعالى (وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ).
قوله تعالى: ﴿لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ... (١٥)﴾
إن قلت: نفيت الحجة مع أنها ثابتة، بقوله تعالى: (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ) قلت: معناه لَا يحاجه.
فإن قلت: (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ... (١٦).. حصول المحاجة منهم، فكيف نفيت عنهم؟ قلنا: المنفي عنهم إنما هي المفاعلة والمثبت إنما هو قوله: (يُحَاجُّونَ) ويفاعلون لَا يقتضي المفاعلة من الجانبين لأنك إذا قلت: تضارب اقتضى الفاعل منهما، وإذا قلت: [تضارب لم يقتضِ*] التفاعل بل حصول المعرفة [بالبادئ منهما*] واختار أن يفاعل يقتضي [المفاعلة*]، ويلزم حصول التعب والغضب، فأما في حق الكافر فصحيح، وأما في حق المؤمن فيدل على أن النظر يحرم في علم الكلام وقد قال به جمع كبير، وأيضا يلزم أن يكون الجمع في الضلال.
قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ).
لأنها إذا كانت داحضة عنده من حيث كونه رءوفا رحيما، فأحرى أن تبطل من حيث كونه قادرا قاهرا منتقما.
قوله تعالى: ﴿يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا... (١٨)﴾
ابن عرفة: قال بعض شراح سيبويه في باب الإحالة [**فرق بين الخبر المتهافت في نفسه، وبين الخبر المتهافت، مثال الأول: سأحمل لك هذا الطعام أمس]، ومثال الثاني:


الصفحة التالية
Icon