وسلم على ذلك، يقينا علما مشابها لعلم من يبصره، وينظر إليه، أو أقوى، لأن البصر يعرض له التخيلات والشكوك، أبو حيان: (فهو يرى) جملة اسمية واقعة موقع الفعلية، فلو عطف الفعل على الفعل لصح رفعه ونصبه على جواب الاستفهام، السفاقسي: لا حاجة إلى ارتكاب وضع الجملة الاسمية موضع الفعلية، بل هي معطوف على قوله (أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ)، فهي داخلة في خبر الإنكار، وليس المراد هنا إثبات الرؤية له. انتهى، يرد بأن الرفع على إضمار المبتدأ، أو التقدير، فهو يرى، فلا فرق بين الضمير، وعدم ذكره؛ لأنه مراد، وإنَّمَا قالوا: إن الفعل، إن عطف على الجملة الاستفهامية كان ثبوتا، وإن عطف الفعل على الفعل كان دخلا تحت الإنكار، مثل: ما تأتينا فتحدثنا.
قوله تعالى: ﴿أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (٣٦)﴾
قال الحريري: أم هنا مظنة؛ لأنها لأحد الشيئين، لأنه ليس عنده علم الغيب، لكنه أُخبر بما في صحف موسى، إما على لسان نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم إشارة أو تصريحا، أو لما أمره نبينا لزمه حكم ما في شريعة موسى وغيره، لأن من لوازم الإنكار أن يكون ذلك تبييناً لما في صحف موسى، انتهى، هو قولك: إذ [... ] ذو خصومة، في أنها واقعة في غير محلها.
قوله تعالى: ﴿مُوسَى وَإِبْرَاهِيمَ... (٣٧)﴾
قوله تعالى: ﴿أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (٣٨)﴾
ابن عطية: [وأنث الوازرة؛ إما لأنه أراد النفس وإما أراد المبالغة كعلامة ونسابة وما جرى مجراها*]. انتهى.
فإن قلت: على أن الثناء للمبالغة، يرد السؤال لأنه لَا يلزم من عدم حمل النفس الثقيلة وزر غيرها، عدم حمل النفس [الخفيفة*] وزر غيرها، قلت: هذا مشترك الإلزام في عدم المبالغة أيضا، لأنه لَا يلزم من كون النفس المتصفة بمطلق وزر عين الغير، عدم حمل النفس التي لَا وزر لها، الوزر عن الغير، وجوابك عنه جوابنا نحن، والجواب عن السؤالين، أن تقول: المفهوم في الآية مفهوم موافقة، وهو أن حمل الوزر على قسمين: حمل تكليفي، وحمل اختياري، [فلا يلزم السؤال*] إلا لو كان الحمل في الآية تكليفيا، وإنما هو في الآية اختياري، ولا شك أنه إذا كانت النفس المذمومة ذات الأوزار غير متمكنة من فعل ما تريد من حمل الوزر عن الغير، مع حقارتها وذمها، وكونها أهلا لذلك، فأحرى أن لَا تتمكن منه النفس الشريفة التي لَا وزر لها بوجه، ابن عطية: قال عكرمة: كان هذا الحكم في قوم إبراهيم وموسى، وأما هذه


الصفحة التالية
Icon