جعل الزمخشري: الآلاء للقدر [المشترك*] بين النعم والنقم، قال: وسماها كلها آلاء لما في النعم من المواعظ في الخطاب للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهو في قوله تعالى: (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ)، انتهى، ذلك مرتب على شرط محال؛ بخلاف هذا.
قوله تعالى: ﴿أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧)﴾
سماه قوم كالسكاكي، وغيره [جناسًا للمشابهة*]، فإِن قلت: [ظاهره*] تحصيل الحاصل، لأن المعنى قريب القريبة فالجواب: أن الألف واللام في الآزفة للعهد، أي قريب الحالة الموسود المعبر عنها في هذا الكتاب، وفي غيره بالقريبة، وهي الساعة.
قوله تعالى: ﴿كَاشِفَةٌ (٥٨)﴾
أي نفس كاشفة أو قدرة كاشفة، وهذا الكشف بوجهين:
إما المبين لوقتها، وهو [راجع لباب المعلم والمزيل لها، وهو راجع لباب القدرة*].
قوله تعالى: ﴿أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ... (٥٩)﴾
ولم يقل: أفمن هذا القرآن؟ [لأن*] نفس القرآن يلزم الإعجاز، ولفظ الحديث لا يلزمه، فإذا وبخوا على تعجبهم منه لَا مع استحضار كونه قرآنا فأحرى أن يوبخوا في تعجبهم منه مع استحضار ذلك، أي لو قدرنا أنه كسائر الحديث الذي يتكلمون به فمنكم عدم التعجب منه، فأحرى أن لَا يتعجبون منه، وهو مباين [لجنس كلامهم*]، ولذلك أورد الفخر في المحصول في شبهاته سؤالا فقال: القرآن حديث، وكل حديث هو كذا، فالقرآن كذا،... (٦٠).. وقدم التعجب على الضحك، لأن التعجب أعم، قد يكون معه ضحك وقد لَا، وفي الآية سؤلان:
الأول: الضحك سبب عن التعجب، فكان الأصل أن يقرن [بالفاء*]، وجوابه: أن السببية إذا كانت عليه لم يحتج لذلك.
الثاني: توبيخهم إما أن يكون على المجموع، أو على كل فرد فرد، فإِن كان المراد الثاني لزم عليه تناول التوبيخ لمن قرأ القرآن، ولم يبك ولا تباكى وليس كذلك، قال (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا)، ولم يقل: وابكوا، [وإن*] كان الأول لزم التكرار، وجوابه: أن يكون [وَلَا تَبْكُونَ*] حالا من قوله (وَتَضْحَكُونَ)، فإِن قلت: يلزمك [تحصيل الحاصل*]، لأن الضحك مناف للبكاء، فالجواب من وجهين:


الصفحة التالية
Icon