سُورَةُ الْقَمَرِ
قوله تعالى: ﴿اقْتَرَبَتِ... (١)﴾
أخص من قرب، فيدل على المبالغة في القرب، وذكر ابن عطية، عن أنس قال:
خطب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقد مالت الشمس، فقال: " [ما بقي من الدنيا فيما مضى إلا كمثل ما بقي من هذا اليوم*] "، فقال عليه السلام: إني [لأرجو أن يؤخر الله أمتي نصف يوم*] "، وذكر هذا السهيلي: وبينه، وذكر المسعودي: حديثا أن عمر الدنيا ستة آلاف ونيف، ولكنه لم يصح.
قوله تعالى: (وَانْشَقَ الْقَمَرُ).
ذكر ابن خليل في مناظرته إن صحت أن القاضي أبا بكر الباقلاني، بعثه أمير زمانه رسولا لبعض بلاد الروم، فجرى في بعض مناظرته معهم، أن قالوا له: انفرادكم برؤية انشقاق القمر، بحيث لم يره معكم غيركم، ما موجبه؟ ثم قال: في المحراب إنا نجد القمر حين الانكساف يراه أهل قطر دون غيرهم، فيكون الليل عند قوم، والنهار عند آخرين، وهو بناء على [أن*] السماء [كورية*] فكذا حين انشقاق القمر، كان ذلك عند الروم [نهارا لبعد بلادهم*]، عن بلاد قريش، انتهى، وأجاب ابن فورك: باحتمال أن يكون ستره الغيم في بلاد الروم حينئذ، وهذا شاهد، فإنا نجد الغيم يستر عين الشمس عن بعض المواضع دون بعض.
قوله تعالى: ﴿وَإِنْ يَرَوْا آيَةً... (٢)﴾
إن قلت: رؤيتهم ذلك، وإعراضهم محقق، فلم أتى بـ (إِنْ) دون إذا؟ فالجواب من وجهين:
الأول: أن هذه الآية خارقة للعادة، ومن لوازم ذلك [عزيتها وندرتها*]، وكلمة إذا دالة على محقق الوقوع، ومن لوازم التحقق كون التحقق أمرا عاديا مألوفا ثابتا محققا، فلذلك أتى بـ (إِنْ) الدلالة على عدم التحقق [ليبقي القرابة أو النذور*] على ظاهرها مفهومين من اللازم.
والوجه الثاني: أن القصد النهي عن الاعتراض، وذم الاتصاف به، وجعله بعيدا في حيز المحال، وعدم الإمكان، لأن سياق الآية استبعاد وقوع الإعراض معهم مع رؤيتهم الآية، وتنكير (آية) في سياق الشرط للعموم، كما ذكر ابن يونس في كتاب السلم الأول عن [**ابن عباس]: في قوله تعالى: (إِذَا تَدَايَنْتُم بِدَيْنٍ)، هذا