فأجاب أبو جعفر بن الزبير: بأن آية آل عمران ومريم تقدمها نحو عشرون آية ذكر فيها ما يدل على الربوبية والتوحيد، وهذه ليست كذلك، [فاقترنت فيها*] بزيادة الضمير.
قوله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا... (٦٥)﴾
هذا أبلغ، من قوله تعالى في سورة مريم (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) لأن ما لزم الأعم لزم الأخص من باب أحرى.
قوله تعالى: ﴿وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٦٦)﴾
أورد الزمخشري: أنه تأكيد؛ لأن إتيانها لهم بغتة يغني عنه، ثم أجاب: بأن معنى قوله تعالى: (لَا يَشْعُرُونَ) أنهم غافلين لاشتغالهم بأمور دنياهم، ويجوز أن يأتيهم بغتة وهم يظنون.
ونقل الطيبي عن القاضي -يريد به البيضاوي- على عادته أنه أجاب: بأنهم قبل إتيانها لهم بغتة لَا يشعرون أنها تأتيهم بغتة.
قوله تعالى: ﴿بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ... (٦٧)﴾
إن أريد به عداوة الجماعة منهم للشخص الواحد كعداوة قوم فرعون لفرعون، فالبعض صادق على الأكثر، وإن أريد به عداوة كل فرد لخليله فلا يلزم فيه ذلك.
قوله تعالى: ﴿يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (٦٨)﴾
إن قلت: لم نفى الخوف بالاسم والحزن بالفعل؟ قلنا: قال ابن عرفة: عادتهم يجيبوا بوجهين:
أحدهما: أن سبب الخوف مستقبل، والمستقبل ما يعقل فيه التجدد إذ هو غير واقع، وسبب الحزن ماض والماضي واقع حادث فيعقل فيه التجدد شيئا بعد شيء وحدوث بعد حدوث وهو أنه [كلما يتذكره الإنسان يتجدد حزنه*].
الثاني: أن الماضي متناه، والأمور المستقبلة غير متناهية، والنكرة في سياق النفي عامة، فناسبت اقترانها بغير المتناهي ليكون أبلغ في النهي، وإنَّمَا أخر النعت، ولم يقل: يا عبادي الذين آمنوا لَا خوف عليكم، ليكون أنكى للعدو وأشد حسرة عليهم في العذاب حيث يطمع ويرجو الدخول بهم في ذلك ثم [يبلس*] بعد ذلك، وفي الآية التفات بالخروج من الخطاب إلى الغيبة، إذ لم يقل: الذين آمنتم بآياتنا وكنتم مسلمين.
قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (٨١)﴾
قال ابن عرفة: فسروه بوجوه: